تقتصر مظاهر الاحتفال بقدوم شهر رمضان المبارك فى روسيا في التهاني بين المسلمين والاجتماع حول موائد الإفطار والذهاب إلى أداء صلاة الجماعة، وتقوم المساجد الرئيسة بختم القرآن الكريم. ويقارن البعض بين الإسلام اليوم حيث من الممكن ممارسة الشعائر الدينية والعبادات بحرية، وبين أيام الحكم الشيوعي حيث كانت ممارسة الشعائر صعبة والتضييق كبير. وهناك ما يقرب من 28 مليون مسلم في روسيا أي حوالى 20٪ من سكانها. وفى شهر رمضان المبارك يتجمع المسلمون حول موائد الإفطار ويذهبون لأداء صلاة الجماعة، وتقوم المساجد الرئيسة بختم القرآن الكريم طوال الشهر الأمر الذي يجعل من هذا الشهر عيدا يمتد على مدار ثلاثين يوما. ويحرص المسلمون الروس على أداء صلاة التراويح. وخلال الشهر الكريم تكتظ مساجد العاصمة الروسية (موسكو) بالمصلين، حيث يحضر مئات المسلمين إلى المساجد لأداء صلاة التراويح التي يحرص مسلمو روسيا أشد الحرص على أدائها، معتزين بهويتهم الإسلامية. و يعود تاريخ الإسلام في روسيا إلى ما قبل أكثر من 1400 سنة. فقد اعتنق الدين الإسلامي في منطقة حوض الفولغا رسميًا قبل قرن من إعلان الأرثوذكسية دينا لروسيا، ويتوزع المسلمون في روسيا في منطقتين رئيستين منطقة الفولغا التي تقع في قلب روسيا ومنطقة القوقاز الشمالي جنوبي غرب البلاد. تضم روسيا أقاليم يدين السكان فيها تقليديا بالإسلام، على رأسها جمهوريات شمال القوقاز كإنغوشيتيا والشيشان وداغستان وكابردينا بلكاريا وكاراتشايفا وتشيركيسا، إضافة إلى جمهوريتي باشكرستان وتتارستان وعدة أقاليم يشكل فيها المسلمون نسبة كبيرة. ونظرا لتغير المناطق المناخية في روسيا المترامية الأطراف، فإن مسلمي روسيا يؤدون فريضة الصلاة في أوقات متباينة، علما أن الوضع لا يختلف في البلدان الشمالية الأخرى أيضا، لكن المسلمين في المناطق القطبية بروسيا يجدون دوما مشكلة في تحديد أوقات الصلاة والالتزام بموعد الافطار لعدم طلوع الشمس في مناطقهم خلال عدة شهور. قراءة القرآن على موائد الافطار وأثناء موائد الإفطار تتم دعوة من يتقن قراءة القرآن ويعلم شيئًا عن الدين ليقوم بقراءة ما تيسر من القرآن ويلقي درسًا أو موعظة مما يترك أثرا طيبا في المدعوين كما يساعد على جذب غير المتدينين من المدعوين إلى التدين والالتزام بالتعاليم الإسلامية، كما توجد موائد الإفطار الجماعي التي تنظمها الجمعيات الخيرية هناك. واعتاد المسلمون في روسيا، وخاصة في العاصمة موسكو، أن يوجهوا الدعوات المفتوحة لغير المسلمين ليشاركوهم في مآدب الطعام التي يقيمونها بجوار المساجد المنتشرة في أنحاء العاصمة موسكو، هذه المآدب التي تلقى ترحيبا وقبولا كبيرا من غير المسلمين الذين تجذبهم الأطعمة المتميزة والتي ينفقون عليها بكرم يتفق مع قواعد كرم الضيافة. وعند انقضاء اليوم الأول من شهر رمضان تناول المسلمون، إفطارهم الأول. ومع تشابه الإفطار في العائلات المسلمة، إلا أن المائدة تختلف باختلاف عادات الشعوب وتقاليدها. ويملك شهر رمضان المبارك لدى مسلمي روسيا طابعا خاصا فالكبار يربون أطفالهم على الأعمال الصالحة، ويعودونهم على الصيام منذ الصغر. وفي بلد هو الأكبر مساحة بين الدول يجتمع المسلمون على موائد الإفطار التي تعدها النساء عادة في جو مليء بالألفة. وقت الإفطار يبدأ اجتماع الأسرة مع قرب أذان المغرب حول المائدة لتناول طعام الإفطار، ومن ثم أداء صلاة المغرب جماعة، فيما يقدم للضيوف أفضل أنواع الطعام والمكونة من عدة أنواع من الأكل مثل اللحوم والشوربة والحلويات التقليدية الشعبية، وكثيرا ما تدعو العائلات المسلمة في القرى جماعة المساجد المحلية لتناول الإفطار معهم، ويستفيدون من استماع تلاوة القرآن الكريم والموعظة والدروس الدينية من طرف الإمام أو كبارهم وهو الأمر الذي يترك أثرًا طيبًا لدى المدعوين، كما يساعد ذلك غير المتدينين من المدعوين إلى الالتزام بالتعاليم الإسلامية السمحة، ومن ثم يذهب الرجال و النساء إلى المسجد لأداء صلاة الجماعة المفروضة، ومن ثم يبقون حتى قيام صلاة التراويح، ويقوم أئمة المساجد بختم القرآن خلال شهر رمضان المبارك. «التفتيل» والمطاعم الحلال يمتاز المسلمون فى روسيا بإعداد الأطعمة الشهية وخاصة فى شهر رمضان المبارك، والكثير منهم يعد بكفاءة معظم الأطباق الموجودة فى منطقة الشرق الأوسط، وعن الأكلات المفضلة لدى مسلمي روسيا والتى لابد من تواجدها على مائدة الإفطار الروسية في شهر رمضان المعظم، طبق التفتيل الروسي، والسلطة. وبالعاصمة موسكو يقوم المحسنون بمعية الهيئات الدينية والمنظمات الاسلامية، بتنظيم موائد الافطار في المساجد، في هذا الشهر الفضيل. كما يتبادل المسلمون الزيارات في بيوتهم حيث تقام موائد الافطار التي تقدم فيها الاطباق التقليدية لشعوب روسيا المتعددة القوميات، علما أن التزام المسلم بتناول الطعام (الحلال) أصبح شائعا في روسيا في العقدين الأخيرين، حيث تأسست شركات خاصة وافتتحت محلات تجارية تحمل علامة « الحلال». مسجد موسكو الكبير ووصاية الصبر يتجمَّع المسلمون الذين يعيشون فى العاصمة الروسية موسكو مع بداية شهر رمضان فى كل عام لصلاة التراويح بالمسجد الكبير، وهو أكبر المساجد الموجودة حاليا فى روسيا. وخلال الايام الأخيرة قالت السلطات إن مسجدا آخر سيفتتح ربما هذا العام وهو أكبر من المسجد الكبير فى موسكو. ومع تجمع المسلمين فى الصلاة تتخلل المناسبة كلمة لإمام المسجد تتناول العديد من القضايا التى تهم المسلمين، ويهنئهم بالشهر الكريم وسط أجواء احتفالية هادئة وجميلة، ويتمنى الإمام لهم الإيمان القوي والصبر في طريق العبادة. وفى العام الماضي قررت إدارة المسجد تقليل ساعات الصلاة حتى يتمكن المصلون من الذهاب إلى منازلهم في وقت قريب؛ حيث تغلق المواصلات في ساعات مبكرة، والجدير بالذكر أن جميع مساجد «موسكو» تقام فيها صلاة التراويح طوال شهر رمضان. الخيم الرمضانية.. دين وثقافة وسياسة وموسيقى تعتبر «خيمة رمضان» التي تنظم بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك قرب مسجد «باكلونايا غارا»، ذلك المسجد الذي يقع بأحد المواقع الأثرية بالعاصمة الروسية موسكو، حدثًا سنويًا متميزًا حيث تتسع الخيمة الرمضانية التي تقام بها موائد الإفطار الجماعي كل مساء إلى أزيد من 600 شخص، ويمكن لأي شخص بغض النظر عن جنسيته أو عقيدته الاستفادة بالمجان من خدمات هذه الخيمة الرمضانية. ويشارك في فاعليات الخيمة جميع ممثلي الطوائف الدينية في روسيا، وأعضاء السلك الدبلوماسي للدول العربية والإسلامية، ورجال الأعمال. وتستضيف الخيمة الرمضانية، التي يتولى تنظيمها مجلس المفتين في روسيا، أهالي موسكو لحضور ما تحتضنه من تظاهرات ثقافية وفنية، بما فيها وجبات الإفطار والبرامج الموسيقية حيث يشارك في برنامج الخيمة 15 إقليمًا روسيًا، من بينها جمهوريتا تتارستان وداغستان وغيرها من الأقاليم الروسية. وتفتح أبواب الخيمة، التي يساهم في تنظيمها أيضا رجال الدين ورؤساء الطوائف الدينية الأخرى والسلطات المحلية بموسكو، كل يوم وطيلة الشهر الكريم لجميع الراغبين بغض النظر عن دياناتهم حيث يتذوق الصائمون مختلف الأطباق والمأكولات الشعبية الشهيرة التي تتميز بها الأقاليم الروسية التي تقطنها الأغلبية المسلمة. وبالإضافة إلى ذلك تقام في إطار برنامج الخيمة الرمضانية تظاهرات للأطفال الأيتام ومسابقة في تجويد القرآن الكريم. وحسب المنظمين فمن المتوقع أن يشارك خلال هذه السنة نحو 15 ألف شخص في التظاهرات التي تقام في الخيمة الرمضانية. المساجد المتنقلة تجوب المناطق النائية ونظرًا لاتساع الرقعة الجغرافية لروسيا، يحتاج المسلمون الى المزيد من المساجد، ونظرًا للصعوبات المادية وصعوبات الحصول على تراخيص لإنشاء المساجد الكبيرة كان من المشروعات الأخيرة التى عمل المسلمون على إنجازها مشروع المساجد المتنقلة، حيث جمع مسلمون في روسيا فى الشهور الأخيرة تبرعات بقيمة 850 ألف روبل (17 ألف دولار) لمشروع تسيير سيارة كمسجد متنقل، يكون في المناطق النائية التي لا توجد مساجد قريبة منها، بحسب منظمي الحملة. وفي الوقت الذي تجرى فيه الاستعدادات لإطلاق المسجد المتنقل في رحلة في شوارع مدينة كازان عاصمة جمهورية تتارستان الروسية، يواصل مبتكرو المشروع مفاوضات مع السلطات في موسكو لدخول المسجد العاصمة الروسية. المزيد من الصور :