×
محافظة المنطقة الشرقية

قوات أميركا في العراق تتـقاســم قاعدة عسكرية مــــع «الحشـــد الشعبــــــي»

صورة الخبر

يتحدث الروائي الجزائري عبد العزيز غرمول عن ثنائية الثقافي السياسي التي اشتغل عليها طويلا في متونه السردية المتعددة، قبل أن يقتحم عالم السياسة بشكل مباشر ويؤسس حزبا سياسيا. وعبد العزيز غرمول هو أول روائي جزائري يؤسس ويرأس حزبا سياسيا تحت اسم "حركة الوطنيين الأحرار"، يطمح لأن يساهم في تغيير قواعد اللعبة السياسية في الجزائر. وقبل ذلك عُرف قاصا وروائيا، ومن أشهر إصداراته رواية "عام 11 سبتمبر" و"زعيم الأقلية الساحقة" التي تشرّح شخصية الطاغية. شرّحتَ شخصية الطاغية في روايتك "زعيم الأقلية الساحقة"، وبعدها أسست وتترأس حزبا سياسيا.. هل تريد تجسيد تلك الشخصية على أرض الواقع، أم أنك بصدد إعطاء مفهوم جديد للعمل السياسي؟ لا أعتقد أن الكاتب يستنسخ إبداعه في ممارسته الحياتية. رواية "زعيم الأقلية الساحقة" ليست سيرة ذاتية، إنها بالأحرى سيرة الطاغية، سيرة دكتاتور صعلوك توج نفسه بالقوة والعبث زعيما على "مملكة الليل" مقابل "جمهورية النهار" التي هي أيضا جمهورية عنف وعبث. لقد خضت تجربة تأسيس حركة سياسية لإدانة العنف والعبث اللذين يهيمنان على حياة الشعب الجزائري. طيلة أربعين سنة ناضلتُ من أجل الحريات والكرامة والمساواة وحق الشعب في اختيار وتقرير مصيره، ورأيت أنه حان الوقت كي أجسد ذلك النضال عمليا، وأن أمشي بين الناس ناشرا تلك الأفكار التي لن يكون فيها زعيم أقلية حاكما للأغلبية بالقوة والعبث. البعض علّق على تأسيسك لحزب سياسي بالقول إنك بصدد كتابة رواية جديدة بشكل مختلف. ماذا أضافت هذه التجربة الجديدة لغرمول الروائي؟ الانخراط في العمل السياسي ليس رواية نكتبها بل نعيشها، ونعيشها بشكل مختلف، أوسع من بياض الورقة، وأكثر واقعية من الخيال. هنا في الشارع، وبين الناس وهمومهم وكفاحهم اليومي من أجل الخبز والعمل وحرية التعبير والرأي والقوانين الضابطة، والبحث عن الحلول الجماعية، والتسلح برؤيا شاملة لمشكلات الناس وانشغالاتهم اليومية، وبحثهم المستميت عن المستقبل.. يكون من واجب السياسي أن يصنع لهم أملا يعيشون عليه، وهنا الفرق بين الروائي والسياسي. لعل الروائي يكتفي برسم خارطة جرحهم وتمثّل مأساتهم، أما السياسي فهو يبحث معهم عن شفاء، عن أمل، وذلك بالذات ما أضافه لي العمل السياسي كروائي. تطمح لأن تصبح يوما رئيسا للجمهورية. هل لنا أن نعرف ملامح المشروع الثقافي في "جمهوريتك"؟ " روايات أميركا اللاتينية ساهمت في توعية شعوبها بمسخرة وعبث الدكتاتور الذي يتوج نفسه إلها في الصباح ويقضي مساءه مطاردا معارضته إلى أن يتحول إلى أضحوكة شعبية " لا أطمح أبدا أن أصبح رئيس جمهورية، ولا حتى وزيرا، كل طموحي أن أساهم في ترشيح شخصيات أراها أكثر كفاءة لتولي مثل هذه المناصب. لقد أتاح لي العمل السياسي اللقاء بإطارات وكفاءات على مستوى عال من التكوين والمعرفة والنزاهة، تمتلك رؤيا حصيفة لبناء جزائر أخرى، ديمقراطية ومتفتحة ومساهمة بفعالية في الشؤون الإقليمية والدولية، ودون شك مثل هذه الكفاءات لا تفصل بين الثقافة وبناء الإنسان الفاعل في عصره. وأي دور للروائيين وللشعراء في "جمهوريتك" تلك؟ أعتقد أن الإبداع ككل -بما فيه الفنون والمهارات- هو المحرك الرئيسي للفكر والعمل والاجتهاد، وخاصة للرغبة في حياة أفضل وأرقى، وفي أي سياسة سوية لا بد أن يكون إبداع الإنسان من أولوياتها، تشجيعا وترقية ومكافأة. كانت السياسة حاضرة بقوة في نصوصك القصصية والروائية، هل لتأثرك في بداياتك بآداب أميركا اللاتينية دور في الأمر؟ ولدت وعشت في مناخ سياسي، والدي مجاهد ثورة التحرير، وأسرتي كلها مهووسة بمصيرها، يعني بالحركة السياسية التي تسيّر وتتحكم في ذلك المصير. كان الشعر العربي النضالي هو مشربي الأول، ثم جاءت بعد ذلك الروايات المترجمة من مختلف أنحاء العالم، اليونان، اليابان، الروس، أوروبا.. ولكن روايات أميركا اللاتينية بالنسبة لي كانت الأقرب للواقع الغرائبي الذي كنا نعيش فيه. كان تأثيرها عليّ قويا ربما لتطابق البيئة النضالية الشبيهة بالبيئة الإبداعية التي عشت فيها. لقد أعطتني روايات أميركا اللاتينية دعما أعمق بمهمتي ككاتب منشغل بهموم شعبه. على ذكر أدب أميركا اللاتينية، أبدع روائيو تلك القارة في "فضح" الدكتاتوريات. لماذا عجزت روايتنا عن فعل ذلك، رغم أن بنية الدكتاتورية واحدة؟ أعتقد أن الروائي العربي لم يتحرر من خوفه بعد ولم يتجرأ على قيوده ومعتقداته القديمة إلا في حالات نادرة بقيت في حدود الوصف، ومنها أعمال الروائي الكبير عبد الرحمن منيف. روايات أميركا اللاتينية ساهمت في توعية شعوبها بـ"مسخرة" وعبث الدكتاتور الذي يتوج نفسه إلها في الصباح ويقضي مساءه مطاردا معارضته إلى أن يتحول إلى أضحوكة شعبية. ولكن ما يسمى "الربيع على الطريقة العربية" ربما يساهم في كتابة رواية قادرة على فضح الدكتاتوريات والضحك على عبثها وعنفها. أنت تزاوج الآن بين ممارسة النشاط الحزبي السياسي والكتابة الروائية.. لو اضطررت للتفرغ بماذا ستضحي؟ الكتابة مهنتي وفرحي. أنا كاتب بالدرجة الأولى، والسياسة بالنسبة لي تجربة زادت أفكاري وتجاربي غنى، وربما ستساعدني على الكتابة بشكل أفضل، وذلك ما أحتاج إليه للارتقاء بالوعي العام للشعب الجزائري لعله يغير ما بنفسه كي يغير الله ما به.