نجاح عمل روائي بعد تحويله إلى منتج درامي مسألة في الغالب مصيرها الفشل، حين تكون الرواية شهيرة وجاذبة واستطاعت تحقيق حضور لافت وانتشار جيد. استثناءات نادرة تمكنت من تجاوز هذا المصير. المفارقة أن الأعمال الدرامية التي نجحت كانت الرواية فيها أقل نجاحا وشهرة من العمل الدرامي، الميزانيات المفتوحة وحشود الممثلين والنجوم والتمويل الكبير وشاشة العرض لا تضمن عادة نتائج جيدة والأمثلة كثيرة. المصريون ينجزون في الغالب شيئا إنسانيا وعميقا لكن بلا إبهار بصري، السوريون على العكس لغة عالية وجماليات في كل شيء، يشارك الجميع في وضع بصمتهم على العمل لكن النتائج شبه ثابتة، عمل متقن لكن تنقصه الروح والإنسانية. الخليجيون بمختلف فئاتهم يفضلون التعامل والنمط الجاهز. سأكون قاسيا وأقول إنهم يحتقرون الرواية في الدراما، سأكون قاسيا أكثر هم يحتقرون الأدب بالمجمل في الدراما ويفضلون القوالب، صراع عائلي.. مخدرات.. جشع. وهكذا، لذا لا يمكن تذكر تجارب محترمة في هذا الصدد. قرأت "اسم الوردة " كرواية وشاهدتها فيلما وفي النتيجة كان الفيلم أعلى وأجمل وأكثر تأثيرا. "العطر" مثال آخر، كان الفيلم شيئا هزليا لا يليق بقيمة الرواية. "ذاكرة الجسد" أنتج قبل سنوات قليلة كعمل على الشاشة كانت النتيجة مريعة لم يشاهده أحد، ولم يتفاعل معه ربما حتى ممثلوه، بينما عاش عمل متواضع الفنية كـ"لن أعيش في جلباب أبي" عقدين من الزمن في وجدان الناس، "شقة الحرية" عمل شهير أيضا لكن لقي مصير"ذاكرة الجسد" في الفشل الدرامي. صحيح أن المسألة تتحكم فيها عوامل مختلفة، لكن أظن أن التجربة والتراكم كفيلان بتحقيق معادلة نجاح وإبهار وتسويق محترمة. ليس بالضرورة أن يكون الانتشار الجماهيري لكتاب كفيلا بنجاحه ولا اسم مؤلفه، لكن في قدرة المنتج على موالفته مع ما يريده المشاهد، فالمشاهد شيء والقارئ شيء آخر، مختلفان في المزاج والشغف، وكذلك في قدرتهما على الصبر والانتظار.