×
محافظة المنطقة الشرقية

مؤسس الاتحاد العالمي للبرلمانيين الكشفيين يشيد بالتجربة السعودية

صورة الخبر

توجهت معظم الدول النامية، أو دول العالم الثالث، في السنوات القليلة الماضية إلى إنشاء أجهزة حكومية تعنى بمكافحة الفساد. وتختلف درجة الجدية في تفعيل هذه الأجهزة المختصة من دولة لأخرى، وإن كانت في معظمها ما زالت في مراحل بلورة رؤية استراتيجية للتعامل مع هذا الملف الخطير الذي يعصف ليس فقط بالحياة والنسيج الاجتماعي في هذه الدول، بل قد يكون من الأسباب الرئيسية التي ترتبط بتدني الأداء وانخفاض الإنتاجية وتراجع النمو وتعثر التنمية الاقتصادية. وتقبع الدول النامية في مؤخرة القائمة الدولية للدول التي تتم فيها الأعمال، خاصة الحكومية، في مناخ من الأمانة والشفافية؛ في حين تتصدر مجموعة الدول الإسكندنا?ية هذه القائمة، معززة بأنظمة ديموقراطية وقواعد لمحاسبة المسؤول العام، مما يحصر الفساد في حدود ضيقة جداً لا تكاد تذكر، وهو عكس ما يحدث تماماً في الدول النامية. ولذلك فإن التوجه نحو إنشاء أجهزة حكومية متخصصة تعنى بمكافحة الفساد في الدول النامية يسير ببطء شديد، مع غياب رؤية واضحة لاستراتيجية العمل وآليات التعامل مع هذا الملف الحيوي، خاصة في ظل نظام اقتصادي عالمي جديد، ربط العالم بأسره، وخلق حالة من التوافق الشعبي لمكافحة الفساد وتحقيق النزاهة. وإذا كانت خلف هذا التوجه رؤية سياسية، إلا أن التأثير الاقتصادي البالغ الأهمية لا يمكن تجاهله وإغفاله، حيث ينخر الفساد في جسد الاقتصاد، الأمر الذي يؤثر بالضرورة على مقومات العدالة الاجتماعية. وهو الدافع الأول لزعزعة الاستقرار في أي دولة. ولعل هذا أحد الأسباب التي عصفت ببعض الدول العربية، وغيرت أنظمة الحكم القائمة، وإن كان مخاضها ما زال متعثراً، إن لم يكن محبطاً في بعض الدول. لكن ذلك لا يُلغي إطلاقاً التأكيد أن مكافحة الفساد مطلب شعبي مستحق. والواقع أن الاقتصاد، كعلم اجتماعي في المقام الأول، لم يغفل الارتباط الوثيق في نظرياته الأساسية مع افتراض بيئة صالحة نقية ليكون للنظرية الاقتصادية مكان للتطبيق العملي، تماماً كما يفترض في أبجديات الاقتصاد، أن زيادة الطلب على سلعة معينة يؤدي إلى ارتفاع سعرها، مع افتراض بقاء الأشياء الأخرى على حالها، مثل ثبات جانب العرض. وهذا ينطبق بالضرورة على ربط الفساد بتعثر الاقتصاد، والنمو والتنمية الاقتصادية كمحصلة لذلك. وهذا ما يؤكد أن الفساد عقبة كأداء تقف أمام خروج هذه المجتمعات من مأزق التنمية. د. عبدالعزيز إسماعيل داغستاني* * رئيس دار الدراسات الاقتصادية - الرياض