نشر قبل أيام في صحيفة الرياض صورة لأحد الوافدين وقد ترك لحيته تنمو وتسترسل حتى بلغت بطنه، كان يبدو مبتسما متباهيا بالطول الذي بلغته لحيته ولعله سره أن يحصل على لقب صاحب أطول لحية. منظر الصورة الطريفة أثار لدى بعض الناس روح النكتة، فأطلقت بضعة تعليقات ساخرة جعلت اللحية محور التندر، إلا أنه سرعان ما انقلب السحر على الساحر، ووقع أولئك الساخرون من طول لحية الرجل في شر سخريتهم، وذلك حين أخذت قذائف اللوم والتقريـع تتساقط فوق رؤوس الساخرين متهمة إياهم بالتعدي على رمز التقوى بالاستهـزاء والسخرية، فإطلاق اللحية دلالة الورع والرزانة ومن الحماقة أن يتحدث أحد باستخفاف عن ذلك. ورغم أن (إعفاء اللحى) لا يعني إطلاقها بلا تشذيب أو التباهي بما بلغته من درجة الطول، إلا أن بعض الناس يختلط عليهم فهم المعنى، فيربطون بين طول اللحية والورع يظنون أنه كلما طالت اللحية دلت على شدة الورع!! هذا المفهوم لم يكن متداولا عند المسلمين الأوائل، إذ لم يكن الناس يرون في طول اللحية مدعاة للتباهي، بل على العكس من ذلك كانوا يرون أن لا يزيد طولها على (قبضة)، أما إن زادت فإن ذلك دلالة حمق لا ورعا. وفي كتاب الحمقى والمغفلين لابن الجوزي، يورد بعض القصص أو العبارات التي تتضمن تهكما بمن يبالغ في زيادة طول لحيته، فيروى عن معاوية أنه قال لرجل: «كفى أن نشهد عليك بالحمق ما نراه من طول لحيتك». ويذكر قول زياد بن أبيه: «ما زادت لحية الرجل على قبضة إلا كان ذلك نقصانا من عقله». ويستشهد بقول أحدهم: إذا عــرضـت للـفـتــى لحـيـة وطــالت إلـى سـرتــه فقد ضاق عقل الفتى عندنا بمقدار بما زاد من لحيته. وأشد من ذلك ما نقله من أبيات لابن الرومي فاحشة الهجاء، يتهكم فيها على المسرفين في إطلاق لحاهم: إن تطل لحية عليك وتعرض،، فالمخالي مخلوقة للحمير علـق اللـه فـي عذاريـك مخـلاة،، ولكنـها بـغيـر شعـيـر. وخلاصة القول هي أن في الناس من يريـد النفع لكنه بجهلـه وسوء إدراكه يخلط المفاهيم ويدخل بعضها ببعض، فيسيء إلى نفسه وإلى غيره معه. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة