شاركت خلال الفترة الواقعة بين 31 أكتوبر إلى 1 نوفمبر في فعاليات الدورة الثالثة لمنتدى باكو العالمي الانساني الذي افتتح فعالياته فخامة رئيس أذربيجان الهام علييف. ويعتبر هذا المنتدى من الفعاليات العالمية المهمة. والدليل على ذلك الكلمات التي القاها ثمانية رؤساء سابقين للعديد من بلدان العالم و13 من الحائزين على جوائز نوبل في مختلف المجالات. ومن الطبيعي أن تكون كلمة البلد المضيف للمنتدى، والتي القاها الرئيس، معبرة وشاملة لأهم الموضوعات وأكثرها الحاحاً. ولهذا رأينا الاقتصاد وقضايا التنمية في أذربيجان تشغل الحيز الذي تستحقه في الخطاب. وهذا أمر يهمنا كثيراً باعتبار أن النفط الذي يلعب دوراً كبيرا في اقتصادنا يحتل مكانة بارزة في اقتصاد أذربيجان. ولكن قبل ذلك دعونا نتطرق ولو بشكل عابر لكلمة الرئيس التركي السابق، والذي تقدم به العمر، سليمان ديميريل. ففي أثناء حديثه عن الاقتصاد أشار إلى أهمية تحويل رأسمال الذهب الأسود إلى ذهب رأسماله الانسان. وهذا بالتأكيد كلام له مغزى ومعانٍ عميقة. وأعتقد أن الرئيس الأذري في كلمة الافتتاح قد استبقه عندما قال ان أذربيجان تسير نحو بناء اقتصاد لا يعتمد على النفط وحده. بالفعل فنحن عندما ننظر إلى الناتج المحلي الإجمالي في أذربيجان خلال الثمانية أشهر الأولى من هذا العام نلاحظ نمو هذا الناتج بنسبة 5.2% مقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي 2012. ومن الواضح أن هذا المعدل المرتفع جاء نتيجة لمشاركة القطاعات غير النفطية التي نمت خلال نفس الفترة بنسبة 10.5%. ومما له أهميته أن هذا المعدل يأتي في أعقاب نمو مماثل لهذه القطاعات في العام السابق 2012 والتي وصلت إلى 10.3% مقارنة بالعام الذي قبله 2011. ولذلك فليس غريباً أن تصل مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من يناير وحتى أغسطس 2013 إلى 55.2%. طبعاً هذه التغيرات تعتبر نتيجة للإصلاحات الاقتصادية التي تم تنفيذها وذلك بهدف تقليل الاعتماد على النفط وزيادة مداخيل القطاعات الأخرى. وهذه الاصلاحات قد أعطت أكلها ليس فقط في مجال الاقتصاد بل أيضاً من الناحية الاجتماعية. فلقد انخفض مستوى البطالة إلى مستويات متدنية جداً 4.8%. وهذا بدوره أدى إلى ارتفاع نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي، الذي وصل في بداية شهر سبتمبر الماضي، بالعملة المحلية، إلى أكثر من 4 آلاف مانات أي حوالي 5 آلاف دولار. ونتيجة لذلك فقد انخفض معدل الفقر خلال العشر سنوات الماضية من 49% إلى 5.5%. وهذا انجاز ضخم بكل المقاييس. ولذا فليس مصادفة أن تحتل أذربيجان مكانة متميزة ليس فقط ضمن مجموعة البلدان التي استقلت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وإنما على الصعيد العالمي. فحسب تصنيف منتدى دافوس فإن الاقتصاد الأذري قد شغل ترتيب 39 من حيث القدرة التنافسية على مستوى العالم. وهذا بالتأكيد أمر يفرحنا خصوصاً وأن البلد لم يحصل على استقلاله إلا منذ 20 عاماً. فأذربيجان بلد مسلم تربطنا به أواصر الصداقة والمحبة والإخاء. ولذلك نتمنى له مزيداً من النجاحات خلال الأعوام القادمة.