نزلت حركة «لبنانيّون» المكونة من شُبّان لبنانيين وضعوا نصب أعينهم خيار الدولة، الى ساحة رياض الصلح في بيروت لمواجهة الخطر التقسيمي والمذهبي الذي يتهدّد لبنان، للتعبير عن هواجسهم من أن يُصبح وطنهم نقطة صراع «تتناتشه» الجماعات المُتناحرة فيما بينها؛ خدمة لمشاريع إقليمية المُتضرّر الأكبر منها لبنان واللبنانيون، وقال الصحافي مصطفى فحص إن الخلاص من هذا الخطر لن يكون إلّا من خلال وجود وليد جنبلاط شيعي. وغلب الطابع المذهبي على عدد كبير منهم، لكنّهم يرفضون مذهبة حركتهم أو تحرّكهم أو وضعه ضمن إطار حزبي، وبقدر ما يعني الطائفة الشيعيّة على وجه الخصوص، فهو أيضاً يعني جميع اللبنانيين للخروج والمطالبة بوقف تدخّل حزب الله في الحرب السوريّة التي برأيهم لا تجني للبنان سوى الخراب والموت لشبابه الذين يُقتلون ويعودون إلى أهلهم في طوابير من النعوش في سبيل أنظمة ما زالت تُعاني منها كل فئات الشعب اللبناني سواء كانوا مسيحيين ام مُسلمين. ونزلت حركة «لبنانيّون» إلى ساحة رياض الصلح للتأكيد على الهويّة اللبنانيّة في وقفة حرّة لا تخضع للتجاذبات السياسيّة ولا للمساومات ولإسماع الصوت لكل من لا يُريد أن يسمع ويصم آذانه عن الدعوات المُطالبة بالخروج من سوريا وإعادة الشباب إلى وطنهم وإلى أحضان أهاليهم، والدعوة الى تحييد لبنان عن خط الزلازل في المنطقة والتي بدأت تقترب من لبنان، تحت شعار «عملاً للوحدة ورفضاً للفتنة». والذين شاركوا يعلمون أنّ خطوتهم هذه لن تُغيّر موازين القوى، لكنّها بالتأكيد ستُحدث صدمة إيجابيّة لدى جزء كبير من المُتضرّرين من هذه الحرب. وحركة «لبنانيون» هي تحرك لناشطين مدنيين من البيئة الشيعية وغيرها خرجوا من العقد الطائفية ليتطلّعوا الى الصيغة الوطنية، صيغة لبنان الواحد والعيش المُشترك. ويقول رئيس «المركز العربي» الشيخ عبّاس الجوهري: إن هذه الصرخة موجّهة إلى كلّ من يسمع من المحيط العربي والإسلامي لكي نُظهر مشهداً لا تختصره المواقف والدعوات إلى رؤية شمولية، فما يجري اليوم في سوريا والخوف من تمدّد المشهد الدموي إلى لبنان هو الذي دفعنا الى الوقوف هنا اليوم وتوجيه صرخة من القلب إلى صاحب كل ضمير لإيقاف المذابح التي تُرتكب بحق شبابنا خارج الحدود وأيضاً بحق الشعوب الآمنة في بلادها. ويُضيف الجوهري: نحن نرفض حصر الرؤى والتوجهات المنطلقة من بيئتنا في دعم خيار الذهاب للقتال في سوريا واستجلاب الشرارة السورية الى لبنان، فهذه الوقفة اليوم هدفها صون الوحدة اللبنانية واحترام الالتحام الجغرافي بسوريا، والدعوة إلى احترام الكيان اللبناني في زمن تلاشت فيه الهويات الوطنية وبرزت فيه الهويات المذهبية والفرعية. بدوره شدّد رجل الدين السيد ياسر حيدر على أن هذه وقفة رمزية للتعبير عن أن هناك آراء مُختلفة عن السائد وأننا نرفض أن ننجرّ في طابور واحد وهذا التحرك يساهم بشكل كبير في بلورة الكثير من الأفكار والمواقف سواء السياسية أو العسكريّة، لأنّه إذا لم يكن هناك كوابح من النقد البنّاء من التوجيه قد يتفلّت الكثير من الضوابط وبالتالي يمكن أن يصل إلى ما لا تُحمد عُقباه. هذه الوقفة تهدف الى هذا العنوان وبما أنّنا من الطائفة الشيعيّة الكريمة ونحن نُعارض دخول «حزب الله» إلى سوريا من أوّل الأمر ومن باب الحرص على هذه الطائفة، نوجّه نصيحة ويحق لنا القول كفى ولتُترك الأمور للحل السياسي. وتابع حيدر: لا مشكلة لدينا على الإطلاق في الذهاب إلى حارة حريك لقول كلمتنا وتوجيه نصائحنا، لكنّنا اخترنا هذا المكان؛ لما له من رمزّية سياسيّة تاريخيّة في وجدان كل لبناني نحن نعمل بكل وضوح ومن فوق الطاولة، ووقفتنا هذه سوف تُثبت للجميع أحقيّة ما نقوم به، فالصدق الذي نتحلّى به يُعطينا شجاعة بالنطق والموقف. لقد جلب تدخل حزب الله في الحرب السوريّة للشيعة الخسارة المعنوية والماديّة ولم يجن حتّى اليوم أي ربح. أمّا الصحافي علي الأمين فقد انطلق بكلامه من وسط بيروت بمعانيه الجغرافية والسياسية، من بيروت التي كانت دوماً قبلة قلوب العرب ووسطهم ومن لبنان الذي لا يمكن إلّا أن يكون لجميع أبنائه بالتساوي ليقول: «إن قوّتنا بفكرتنا وبوحدتنا وبرؤيتنا للبنان الآتي، أتينا لنقول إنّنا مع قوّة المنطق ولسنا مع منطق القوّة، فموقعنا يرتسم بالاجتماع الوطني اللبناني بما نحمله من أفكار وآراء ورؤى، لا ما نحمله من سلاح. نيرون مات رغم كل قوّته وبقيت روما ببهائها، وهتلر مات رغم احتلاله نصف أوروبّا وأكثر ومع هذا بقيت ألمانيا الناس والأحلام، وها هي ديكتاتوريّة الشرق تتهاوى وسيبقى الشرق يحلم بالشمس والحريّة. ويضيف: لو أن القوّة العدديّة والعسكريّة هي المقياس للحقيقة لكان داعش أقوى منّا جميعاً ولحكم هتلر الكوكب. لكن داعش إلى زوال مع بطشه وناره والمذابح التي يُخيفنا بها وشعوب العرب باقية بكل حنانها وأحلامها، فما من مهمة أشرف وأعظم من حماية الناس من الفتنة. نريده وطناً نهائيّاً واحداً حرّاً عربيّاً يؤمن بالديموقراطية والحداثة. تلك هي ثوابت الرؤية الشيعيّة التاريخيّة وتلك خيارات قياداتها التاريخيّة. من جهته يلفت الصحافي مصطفى فحص الى أن الوقفة هي صرخة جديّة للقول إن الدولة والعيش المشترك مع الطوائف الأخرى وحدها الكفيلة بحماية كل المكوّنات وليس الشيعة فقط. السلاح لا يحمي بل يُربّي عداوات هذا مع العلم أن اللقاء بحد ذاته غير موجّه ضد أي جهة. ويشدد على أن تدخل حزب الله في سوريا جلب للشيعة مزيداً من الأزمات ووضعهم في مرحلة خطيرة، والحزب الذي كان وما زال تحت دائرة الخطر وضع أبناء طائفته جميعهم ضمن هذه الدائرة خصوصاً وأننا نمر في مرحلة دقيقة وحسّاسة. وعن الخلاص من هذه الأزمة يقول إن الخلاص لن يكون إلّا من خلال وجود وليد جنبلاط شيعي. من جهتها، حذرت جمعية «إعلاميون ضدّ العنف» من الحملة المركزة التي تستهدف الشخصيات الشيعية المستقلة وآخرها الباحث والناشط السياسي لقمان سليم، خصوصاً بعد إعطاء حسن نصرالله الضوء الأخضر لاستهداف هذه الشخصيات تحت عنوان «شيعة السفارة». وأدانت الجمعية في بيان ثقافة التخوين التي ينتهجها هذا الفريق لكل الشخصيات التي تعارض خطه وسياساته ونهجه وفكره، رافضة تخيير الناس بين الخضوع لثقافة العنف وبين التخوين والاتهام بالعمالة.