في قريتي يتسابق بعض الشباب من الجنسية الكشميرية لشراء وشحن فرش مسجد قاموا بشرائه لتجهيز مسجد قريتهم لليالي رمضان.. بينما تزدحم محلات «الدش» لدينا بالزبائن للقيام بما يلزم استعداداً لمسلسلات رمضان حتى تكون الرؤية أوضح وأشمل، وبالفعل هي أوضح و(أفحش)! ـ تشعر بالخجل الشديد حينما يقول لك العامل الكشميري في قريتك إن الوسيلة التي سينقلون بها فرش المسجد عندما يصل إلى قريتهم هي الحمير لأنه لا طريق ممهدة كي تصل السيارة إلى أعلى الجبل، حيث يقع المسجد/ الحلم، وتتذكر أن سيارات شبابنا تصل إلى كل مكان وتتفوق على أعتى الأماكن بمنتهى الإصرار ولكن دون فائدة! ـ تقارن بين من يدفع قوته كي يشحن الفرش لمسجد قريته في الشطر الهندي من كشمير، وبين من يهيئ الأطعمة والملهيات كي يقطع رمضان كيفما اتفق، ولكي يعب من هذا اللحم الأبيض الرخيص الذي تقذفه الشاشة حتى الصباح ولمدة ثلاثين يوماً، ويا رب لك الحمد على نعمك. ـ قدرنا في رمضان أن يُغطي هذا اللحم الأبيض الفاسد كل مساحات العين، وعليك ألا تنتقد هذه الفضائيات الأسرية وألا تذكرها بالاسم؛ بل كن مجرد فرد بائس في أمة من المشاهدين المتخمين والكسالى الفاغرين أمام أسخف ما يمكن أن يهضمه العقل البشري المحترم. ـ يُستهدف المشاهد العربي والسعودي تحديداً في رمضان بكمية غير معقولة من مسلسلات وبرامج الإسفاف التي تصل إلى حد القرف والاشمئزاز، وتصيبك الحيرة حينما تسمع أخبار الفنانين والفنانات وكيف يكون استنفارهم كل عام من أجل رمضان.. بارك الله فيكم! ـ العالم الإسلامي لا يزال يستعد لرمضان بنفس الطريقة العادية التي كان يستعد بها أجدادنا لرمضان وفقاً للميسور والمتوفر؛ بينما تضربنا الدعة والتخمة إلى درجة أن يصبح رمضان مجرد موسم لعرض اللحم العربي الأبيض من قبل منتجين أغبياء مدجنين لا يفرق أغلبهم بين الألف والعصا، ويا زمان الرخص.. حسبنا الله.