بينما يتقدم تنظيم داعش في محافظة حلب، يلاحظ وجود تطور خطير في مسار الحرب، فالمجموعة المتطرفة تتوسع في دزينة من الدول في القارة الأفريقية والشرق الأوسط وآسيا، عبر استغلال المظالم المحلية، وباستخدام الأموال والترويج للنجاحات التي تم إحرازها ميدانياً. وفيما تبذل الولايات المتحدة جهودها لقتال تنظيم داعش في العراق وسوريا، فهناك حاجة ملحة كي تتخذ واشنطن خطوات لوقف تقدم التنظيم، ويشير التفجير الانتحاري لمسجد شيعي في السعودية، وهو الثاني من نوعه، إلى مدى التطور في قدرات التنظيم. استراتيجية التوسع ليست جديدة، ففي ربيع عام 2014، بينما كان التنظيم يحاول تعزيز قبضته على مدينة الرقة السورية، والتحضير لخوض حرب كبيرة في العراق، اتصل قادته بمجموعات موجودة في ليبيا ومصر ونيجيريا واليمن والجزائر وأفغانستان وباكستان. انشق تنظيم داعش، بقيادة أبو بكر البغدادي، رسمياً، عن تنظيم القاعدة، وذلك عقب سلسلة من الخلافات الشخصية والأيديولوجية والقيادية، ومنذ إعلان الخلافة، اشتملت استراتيجية توسع التنظيم على عوامل عدة، منها: أولاً، حاول التنظيم استغلال المظالم المحلية وتوظيف شبكته العسكرية المستقرة، وفي أفغانستان وباكستان، على سبيل المثال، وصل قادة التنظيم إلى قادة طالبان، وبعد مقتل العديد من قادتهم، أصبح حافظ سعيد زعيماً لفرع التنظيم في جنوب آسيا، وهو على خلاف مع طالبان الباكستانية، وكان سعيد أحد المتنافسين على صدارة طالبان باكستان. ومهد هذا الاستياء لتقدم تنظيم داعش، الذي رحب بسعيد وبشبكته، واستخدم التنظيم استراتيجية مشابهة مع طالبان أفغانستان في مقاطعتي هلمند وفرح. ثانياً، قدم تنظيم داعش، المال لحلفائه المحتملين، وحصل التنظيم على مال كثير في العراق وسوريا، من تهريب النفط وبيع المواد المسروقة، والخطف والابتزاز والاستيلاء على الحسابات المصرفية والآثار والتهريب، وفي نيجيريا، على سبيل المثال، استخدم تنظيم داعش، غنائمه لتعزيز قدرات جماعة بوكو حرام، التي عانت من نكسات عسكرية على يد النيجيريين وحكومات الدول المجاورة. ثالثاً، انتصارات تنظيم داعش في العراق وسوريا، التي بثت على امتداد العالم عبر وسائل التواصل الإعلامي المؤثرة، جذبت المزيد من المتعاطفين على امتداد العالم، واستطاع التنظيم الحفاظ على مكاسبه في مناطق، مثل الرمادي، لتوسيع السيطرة على أراضي سوريا والعراق، على الرغم من مواجهة التنظيم للقوات الجوية الأميركية، وعمليات الحكومة العراقية والسورية، وجذبت هذه النجاحات زمرة من الأتباع في أفريقيا ودول في الشرق الأوسط وآسيا. مواجهة تنظيم القاعدة الرد الأميركي خارج العراق وسوريا كان فاتراً، في البداية، فهم المسؤولون الأميركيون التهديد الذي يواجههم. وقال البعض إنه تمت مواجهة تنظيم القاعدة في العراق بشكل واسع، ولم يعد يشكل أي تهديد حقيقي، وانسحبت القوات الأميركية من العراق في ديسمبر عام 2011، وفي هذا السياق، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما، إن الولايات المتحدة تركت خلفها عراقاً مستقراً معتمداً على ذاته، ولم تقدم الولايات المتحدة ولا حلفاؤها الدعم الكافي لمواجهة التنظيم في الدول الفقيرة. وفي ليبيا، ساعدت أميركا وفرنسا وبريطانيا في الإطاحة بمعمر القذافي، إلا أنها فشلت في تزويد البلاد بعناصر كافية لبناء حكومة قوية. وواجهت ليبيا تحديات هائلة، وانهارت البيروقراطية، وسيطرت ميلشيات مسلحة بقوة على مناطق ريفية واسعة، واستفاد تنظيم داعش والمجموعات المتطرفة من الفراغ الإداري في تلك المناطق، وفي أفغانستان، على سبيل المثال، انسحبت القوات الأميركية، وأغلقت القواعد في كونار، وعمل الوضع في كل من نانغارهار وهلمند، على إيجاد فراغ مماثل. ومما لا شك فيه، أن تنظيم داعش سيواجه عقبات في بعض الدول، بفعل وجود كثير من العناصر والجماعات المتطرفة والفراغ الأيديولوجي وتجذر القوى المحلية. هجمات وسع تنظيم داعش عملياته عبر البحر الأبيض المتوسط، ويرتبط الآن بشكل مباشر أو غير مباشر، بالهجمات التي تتم على امتداد العالم في كل من باريس، أوتاوا، بروكسل، كوبنهاغن، سيدني وغارلاند في تكساس. وحدثت حالات اعتقالات لأفراد مرتبطين بتنظيم داعش في كل من نيويورك ومينيابوليس، بتهمة التخطيط لهجمات أو التخطيط للقتال مع الدولة الإسلامية عبر البحار. وعلى الولايات المتحدة، أيضاً، أن تعمل مع شركاء في دول مهددة بالتداعي، مثل ليبيا، لتقويض أيديولوجية تنظيم داعش، وقطع مصادر دخله، واستهداف قادته.