تمكنت الأجهزة الأمنية السعودية بالتعاون مع مؤسسة النقد والبنوك، من الإطاحة بمنفذي عملية نصب دولية، دبرها وأدارها آسيويون من داخل وخارج المملكة، للسطو على حسابات سعوديين خلال الأسابيع الماضية، واستهداف أجهزة الصراف الآلي. والعصابة التي ألقي القبض عليها بعد 72 ساعة من وصول البلاغ، كانت تقوم بسرقة الحسابات البنكية عن طريق تركيب قارئ في المكان المخصص لإدخال البطاقة البنكية لاستنساخ بياناتها، وتركيب كاميرات صغيرة جدا لرصد الأرقام السرية، وإعادة طباعة البطاقات لاستخدامها خارج المملكة لإجراء سحوبات مالية من العملاء. بدوره، قال عبدالعزيز الفريح نائب محافظ مؤسسة النقد العربي، إن "سرعة الكشف عن هذه العصابة يعود بعد توفيق الله إلى يقظة الأجهزة الأمنية المختصة بالكشف عن الجرائم الاقتصادية، وإلى حملات التوعية المستمرة للمؤسسة والبنوك للتعريف بأساليب الاحتيال المصرفي والمالي". وشدد الفريح على ضرورة وضع يد على أخرى، أثناء استخدام الصراف الآلي أو نقاط البيع، لإخفاء حركات الأصابع أثناء وضع الرقم السري، منوها على سرعة التواصل مع البنوك حال الاشتباه في وجود أجسام غريبة في الصرافات الآلية. من جهته، قال لـ"الاقتصادية" طلعت حافظ؛ الأمين العام للجنة الإعلام والتوعية المصرفية في المصارف السعودية، إن عمليات السحب محدودة كما أن الأموال التي سحبت أيضا محدودة جدا، ولم تخرج عن مدينة الرياض ومواقع محدودة، مبينا أنه تم احتواء العملية بسبب أن الجهات الأمنية باشرت وتمكنت من الوصول إلى أفراد العصابة في أقل من 72 ساعة، مؤكدا أنه يعتبر سبق ونجاح للأجهزة الأمنية ومؤسسة النقد السعودية والبنوك في التعاون والإطاحة بهذه العصابة. وبين، أن العملية تمت من خلال قارئ إلكتروني، وهي عبارة عن شريحة تثبت بطريقة احتيالية بالمدخل المخصص لدخول بطاقات الصرف الآلي، وبشكل دقيق توضع وتعمل على قراءات البيانات على الشريط الإلكتروني الممغنط بالبطاقة وليس الشريحة الذكية، علاوة على تثبيت كاميرا لا ترى بالعين المجردة تثبت على لوحة الأرقام بحيث تراقب حركة أصابع العملاء وبالتالي تتعرف على الأرقام السرية. وأضاف، "بعدها ترسل كل البيانات المسروقة من هذه العملية على أجهزة الحاسب الآلي لعصابة موجودة في دولة آسيوية، فيما تتم من خلال البطاقات المزورة عملية سحب المبالغ من خارج المملكة، لأنه لم ترصد عملية السحب داخليا، فيما أشار إلى أن العملاء الذين تعرضت حساباتهم للسرقة تم تعويضهم مباشرة كون المبالغ محدودة والأجهزة كانت محدودة. وتحفظ حافظ أيضا على اسم الدولة الآسيوية التي أجرت العصابة عمليتها فيها، مؤكدا أنها دولة واحدة، موضحا أن المبالغ محدودة جدا، كما أن عدد العملاء التي وقعت ضحية هذه العمليات محدودة، وبسرعة تم التعامل معها، فيما أكد أن عملية الاحتيال لم تمس ضررا بالجهاز الآلي إنما على البيانات في البطاقة". وقال حافظ، إن البلاغات جاءت من العملاء عندما انتبهوا إلى سحب مبالغ من حساباتهم المصرفية، تبلغوا بها من خلال الرسائل النصية التي تصلهم من المصارف كنوع من الخدمات المهمة، وعليه قاموا بإبلاغ المصارف. كما تحفظ حافظ على أسماء وعدد المصارف المتعرض لهذه العمليات، إلا أنه أكد أن عددها محدود، ولم يكشف إذا تجاوز عددها أكثر من مصرفين أم لا. فيما نوه إلى أن العمليات كانت تتم منذ عدة أسابيع، إلا أن عملية المباشرة وإلقاء القبض عليهم تمت في 72 ساعة فقط، ما يعتبر نجاحا للأجهزة الأمنية. وحول إذا كانت المصارف ستتجه إلى التقاضي دوليا، قال حافظ "نحن نتعامل مع جريمة وعصابة، حيث تختلف من حاله لأخرى، وكل مصرف سيتخذ الإجراء الذي يراه مناسبا"، لافتا إلى أن الجهات الأمنية تتابع القضية، لكن الأهم أن الأضرار كانت محدودة، ولا تقلل العملية من متانة أو أمان الأجهزة المصرفية". بدوره، قال لـ"الاقتصادية" مصدر في مؤسسة النقد العربي السعودي، أن لديهم آلية واضحة في التعامل مع أي عمليات سطو مماثلة على العملاء في وقت سابق، مشيرا إلى أن الاحتياطات الأمنية المصرفية تتم باستمرار، وهذا ما أظهرته المدة الزمنية للكشف عن هذه العمليات، التي تعد قياسية. وأوضح، أن النظام المصرفي السعودي، يعد من أكثر الأنظمة أمانا في العالم، كما أنه مكلف جدا، لافتا إلى أن الرسائل النصية التي تصل إلى العميل على حركة حساباته المصرفية يمكن أن تكون الوحيدة الموجودة عالميا، وهي تعد ضمن الاحتياطات الأمنية. وفيما يخص الجانب القانوني في مثل هذه الحالات، أوضح الدكتور ماجد قروب مختص قانوني، أن عملية المقاضاة أو الملاحقة القانونية في هذه العمليات يعود للاختصاص القضائي للضبط، مبينا أن التحقيق والمحاكمة تعتمد على عناصر كثيرة ومتنوعة، منها مكان وجود المتهم، وطبيعة عمله ووجوده على الأراضي السعودية أو وجوده خارج السعودية ومدى ارتباطه بهذه الأعمال. وأضاف، أن "هناك تنسيقا بين الدول من خلال المعاهدات الدولية والاتفاقيات العالمية، التي يكون فيها تعاون في الضبط والتحقيق والمحاكمة والسجن، إلى جانب مدى دور الانتربول في عملية القبض على المطلوبين". وأوضح، أن المصارف المتضررة لهذه العمليات الاحتيالية، عليها أن تتقدم بدعاوى لمقاضاة هذه العصابات من خلال المنافذ المحلية كمؤسسة النقد السعودية ووزارتي الداخلية والخارجية والبنك الدولي، إضافة إلى الانتربول الدولي إذا أرادت، لأنه من حقها قانونيا. من جانبه، قال الدكتور علي السويلم؛ قانوني وعضو في اللجنة الوطنية للمحامين، إن المصرف يتحمل مسؤولية اختراق الحسابات وأي خلل في العمليات المصرفية اتجاه العميل، مؤكدا أنه يفترض على المصارف أن تعتمد الأنظمة التي تحمي حسابات عملائها، وتضمن عدم الدخول على بياناتهم والعبث بحساباتهم المصرفية حتى لا يفقد العميل ثقة الأمان للمصرف الذي يتعامل معه، ولذلك يلزم المصارف البحث عن وسائل حديثة ومتطورة ومكافحة مثل هذه الاختراقات والعمليات الاحتيالية. وقال إنه لا شك أن مؤسسة النقد السعودي مسؤولة عن أداء البنوك وإدارة مراقبة المصارف، لافتا إلى أن الدور المهم للمصرف دائما لحماية عملائها من هذه العمليات، بينما رأى أن العميل لا يحق له المطالبة بتعويض أكثر من إعادة أمواله المسروقة.