×
محافظة مكة المكرمة

العفو الملكي يطلق سراح 3701 سجين بمحافظة جدة

صورة الخبر

ظاهرة إعلامية هنا، وزيارة أميركية هناك، وألعاب نارية وشماريخ يوم الجمعة، وبيان وراء بيان للتحالف كلما أمكن، وتدوينات لا تعاقب مدونها لأنها تنظير في المطلق أكثر من كونها تخصيصاً. حتى المحاولات الحثيثة التي تقوم بها كتائب إلكترونية هنا أو جيوش عنكبوتية هناك فقد فقدت بريقها وضاعت جهودها. ولم تبق على الساحة حالياً سوى ألاعيب السياسة الداخلية وضغوط القوى الخارجية وألعاب الإعلام البهلوانية وأذرع «الإخوان» التعددية. تعددية «الإخوان» سمة من سمات الجماعة، وأذرعها المختلفة التي تضرب باليمين وتصد باليسار، وتشد هنا وترخي هناك، وتتأرجح في خطوط متقطعة مرة وتسير على صراط مستقيم مرات، وتصدر بيانات هجومية تنديدية تحذيرية بغية التهديد والوعيد محلياً وتطلق تصريحات دفاعية مسالمة مداهنة بهدف الحب والسلام والخير والأمان دولياً، ليست جديدة على الجميع. لكن الجميع منشغل هذه الأيام عنهم، والجميع يعرف ذلك باستثنائهم. وباستثناء القليل من الأخبار التي ترد في الصفحات الداخلية، لم تعد الجماعة جزءاً من حياة المصريين اليومية. فمطالعة عناوين «حصر المستشفيات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين» أو «حبس 15 (أو 20 أو 25) من عناصر الجماعة 15 يوماً» تمر من دون تعليق. والتلويح بضلوع الجماعة في تفجير أو تفخيخ أو ترهيب لم يعد يستدعي التوقف للتمعن والتفكر. لم يعد «الإخوان» الهم الأوحد أو الشغل الشاغل للمصريين، باستثناء قلة. لكن تلك القلة تعمل من دون كلل أو ملل، والجماعة وإن فترت فقواعدها ما زالت مشتعلة، وإن تقلصت آمالها مصرياً فما زالت تحلق بها دولياً. فدولياً ترفع أذرع الجماعة «متعددة الجنسيات» شعار Business as Usual أو «العمل كالمعتاد». «مصر على الحافة» عنوان بطاقة الدعوة التي تسلمها بعضهم لحضور ندوة وحفل غداء في حضور كل من رئيس لجنة العلاقات الخارجية في حزب «الحرية والعدالة»، الذراع الحزبية المنحلة لـ «الإخوان»، عمرو دراج، ورئيسة «المجلس المصري الثوري» التابع لـ «الإخوان» مها عزام، ومستشار الرئيس السابق محمد مرسي المقيم في كندا وائل هدارة، وذلك في أحد فنادق واشنطن تحت رعاية كل من «مركز دراسة الإسلام والديموقراطية» و «المعهد المصري لتنمية الديموقراطية»، مع التنويه بأنه غير مسموح لكل من العامة أو الإعلام حضور اللقاء. اللقاء الذي دارت حوله كثير من التكهنات الخبرية والتنديدات المصرية، لا سيما في ظل ما أثير عن لقاءات مع الإدارة الأميركية، أتى ثماره المرجوة. ومن ثم نفي «إخواني» وانشراح مصري ولف ودوران أميركاني. حتى مدير المكتب الصحافي في الخارجية الأميركية جيف راثك حين سُئل عن أسباب عدم انعقاد لقاء رسمي مع الوفد «الإخواني»، صال في التأكيد على إن وزارة الخارجية لن تقابله، على رغم أنها قابلته من قبل، لكن لن تقابله هذه المرة. وجال في الهروب من خانة اليك حيث «هل عبرت مصر للإدارة الأميركية عن عدم رضاها بلقاء كهذا؟»، مجيباً أنه لا يعرف أو لا يمتلك معلومات، ومضيفاً غير مرة أن الإدارة الأميركية تتواصل وستتواصل مع ممثلين عن الأطياف السياسية كلها. الأطياف السياسية «الإخوانية» سعيدة بمثل هذه الأجواء الصاخبة - حتى وإن ظل المواطن المصري العادي بعيداً منها كل البعد - لأنها تبقي على الجماعة تتنفس لعل الأنفاس المتلاحقة تعيد الحياة إلى بقية الجسد. وتتواتر الأنفاس حيث زوبعة وساطة في فنجان الجماعة مترامية الأطراف. فالتصريح الصادر عن مفوض العلاقات الدولية السابق في الجماعة يوسف ندا الذي أعلن فيه استعداده «استقبال من يريد الخير لمصر وشعبها» أثار من الفرقعات وأحدث دويات غطت على أنشطة القواعد الدورية أيام الجمع والعطلات الرسمية. فإذا كانت مسيرات القواعد المحدودة وتظاهراتها المحفوفة بالألعاب النارية على سبيل جذب الانتباه والشماريخ المدوية على أمل الإبقاء على تواجدهم حياً إن لم يكن في ذاكرة المصريين ففي آذانهم، فإن تصريحات كوادر الجماعة سواء كانت صقوراً محلقة أو حمائم محبطة تبقي على سمعة الجماعة باعتبارها قوة قادرة ومجموعة فائرة سارية المفعول، إن لم يكن في الساحات المصرية ففي الدهاليز الدولية. الدهاليز الدولية المنشودة تحدثت كثيراً في الأيام القليلة السابقة عن «خوف الرئيس المصري من الاعتقال ما دفعه إلى إلغاء مشاركته في القمة الأفريقية في جنوب أفريقيا، وهي المخاوف التي روجت لها أذرع الجماعة الإعلامية ونقلت عنها الأذرع العنكبوتية كما لم تنقل من قبل. «اتحاد المحامين المسلمين» في جنوب أفريقيا تقدم بطلب رسمي إلى الجهات الرسمية هناك مطالباً إياها بالقبض على الرئيس المصري في حال وجوده في جوهانسبرغ بدعوى «اقترافه جرائم حرب». لكن ما لم تذكره كتائب الجماعة الإعلامية والعنكبوتية هو أن السيسي بذلك ينضم إلى قائمة طويلة من الزعماء والرؤساء الذين يطالب الاتحاد الجنوب أفريقي باعتقالهم ومنهم على سبيل المثال لا الحصر الرئيس الأميركي باراك أوباما. وفي حين أن الرئيس الأميركي ومعه إدارته يتم تقديمهما إلى قواعد الجماعة عبر منابرها الإعلامية باعتبارهما «القوى الإمبريالية والأيدي الرأسمالية والوجوه الصهيونية الداعمة للانقلاب»، لكنهما بالنسبة إلى الكوادر التي تجول العالم وتدلي بالتصريحات الصديق الوفي والحليف الذكي والمنجد القوي، وذلك بحسب الظروف والاتجاهات والتوجهات. التوجهات جهة الشارع «الإخواني» ما زالت واضحة في خطاب الداخل. «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب» ما زال يغني على «ليلى» الشرعية وثورتها. «بسواعدنا نسترد ثورتنا»، هو عنوان الأسبوع الثوري الجديد الموجه لقواعد الداخل. والدق على أوتار «الحرائر» المختفيات قسراً، والإشادة بالعصيان المدني الذي لم يسمع عنه أحد الخميس الماضي، والمطالبة باستمرار «الحراك الثوري» لاسترداد ثورة «الإخوان»، والتعويل على «سواعد المنتفضين في الشوارع والميادين» كلها تحركات ذراع «إخوانية» تحاول جاهدة الإبقاء على أمل القواعد حياً. وبين الآمال الواهنة داخلياً والجهود الخارقة خارجياً والأذرع المتداخلة دولياً والخطابات المتناقضة بحسب اتجاه الريح، تدور دوائر الجماعة بين تلويح بمصالحة مشروطة مرة، وتنديد بشعب «مغيب» مرة، واعتراف بارتكاب أخطاء هنيهة، وتأكيد على معاقبة كل من ساهم في إقصاء الجماعة برهة، تصول الجماعة وتجول في غفلة من نبض الشارع ويقظة من أجل العالم.