هوجم كثيراً على روايته- التي من وجهة نظرهم- محملة بنظرة تشاؤمية لمستقبل الكويت، ولكن في الوقت نفسه وافقه كثيرون ومن بينهم أنا، فطوال الحلقة النقاشية لرواية (فئران أمي حصة)- والتي أقيمت في المكتب الثقافي التابع لسفارة الجمهورية المصرية في دولة الكويت- كنت اسمع همهمات صادرة من الجمهور الذي ملأ القاعة تردد «الله يحفظ الكويت»، لم أتجرأ على الاعتراف بأنني أوافقه الرأي أمام الملأ المعارض، واكتفيت بجملتي التي اسررت بها إليه شخصيا وهو يناولني نسختي من الرواية، بعدما وقع عليها قائلة: «أهنيك استاذي أنت قدرت تقول اللي كلنا شايفينه وعارفينه، لكننا نعجز عن الاعتراف به». يجب على المثقفين أن تكون لهم نظرة مستقبلية للوضع الراهن، كلنا نؤمن بهذا الشيء. حسنا...! ولكن لماذا نعارضه الآن؟ رواية خصت جيل أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات، الذي عاصرَت طفولته أحداثها... بخصوصية جميلة لن يستشعرها أحد إللا هُم، شخصيا ذات مساء قبل أن أُتم قراءة الرواية، بلا سبب يذكر اجتاحتني رغبة في أن أدخل منطقة السرة، وأتجول في شوارعها وكأني لم أدخلها ملايين المرات من قبل. في ذاك المساء رأيت منطقة السرة بشوارعها، ومنازلها، وسوقها المركزي، وحتى مخفر الشرطة، كأني أراها لأول مرة. ذكاء الروائي سعود السنعوسي مكنه من صناعة شخصية عجوز محببة لكل أطفال الكويت، وأتصور شخصيا أن هذه العجوز وُجدت في كل بيت كويتي في ذاك الزمن الجميل، عجوز تنتمي لكل فئات المجتمع الكويتي، عجوز تتمنى ان تدخل غرفتها التي تتميز بعبق لذيذ, رائحة مميزة خليط ما بين بخور الياوي, وماء الورد, وروائح نفاذة كرائحة دهان الفيكس ومرهم بو نمر، خليط غريب لكنه جميل، تتمنى أن تبيت بحضنها أو إن أمكن تضع لك فراش أرضي بجانب سريرها وتسمعها تبدأ حكاية ما قبل النوم، بعدما تزيل طقم أسنانها المتحرك، وتتركه يغرق في كأس الماء بجانب السرير استعدادا لبدأ الحكاية قائلة «زور ابن الزرزور». أمه كان اسمها حصة، وأمي كان اسمها فاطمة، اتصور أنهن كن أخوات أو ربما بنات خالة على أبعد تقدير، لأني أعتقد أن العجوز التي ربتهم واحدة. * كاتبة كويتية Twitter:amina_abughaith