للمرة الثانية على التوالي يحقق فريق النصر لكرة القدم بطولة دوري عبداللطيف جميل، ومن ثم يتكاتف المشهد النصري برجالاته، ويقيم احتفالاً مشهوداً لرئيس النادي من خلال حفل خطابي يتم فيه الإشادة بهذا الإنجاز، وإعطاء الحق الأدبي والمعنوي لمن وقف مع اللاعبين ودعمهم بكل قوة. العام الماضي كان حفل عضو الشرف سلمان المالك، وهذا العام كان الحفل جماعيا مماثلاً لروعة الحفل السابق، فلسفة جديدة في دعم القيادة، وتكريس الدعم القوي للأمير الشاب بأنه لا يسير وحده، فالعارف بتاريخ النادي يدرك أنه كان قائما على شبه جهد فردي، وبالتالي فالقدرات والأفكار كانت تأخذ زاوية واحدة، وكذلك الجهد كان شبه فردي، بينما الآن هناك أشبه ما يكون بفريق عمل له قائد، ومن خلفة المساندون والداعمون، وهي ما يطلق عليها في الوسط الرياضي المتعارف عليه دون أن تكون قانوناً مكتوبا “المرجعية التي ينطلق منها الرئيس أو الركن الشديد الذي يأوي إليه في الملمات”، وهذا ما كان يفتقده الكيان الأصفر سابقاً، فرجال العهد الجديد يؤسسون لمرحلة مختلفة بكل تفاصيلها، لا يبرز بها سوى روح الصدق، وصدق الوقفة خلف فيصل بن تركي بحضوره ودعمه وحُسن تدبيره، حتى سما ناديه لمجد بعد مجد قد حصل. والتعب الذي عاناه من إرهاق موسم كامل كان هو الأصعب في تاريخه الرياضي، يتطلب مثل هذه اللفتة التي تؤسس لمعنى الشكر والعرفان، فهي سمو أخلاقي من الشرفيين تجاه رجل المرحلة، وهي رسالة بأنك في عين الرضا، ولك صادق المشورة وجاهزية الدعم فقط استمر في مكانك، وسر بالكيان على نهج البطولة، فثلاثية هذا الموسم بوابة سيدخل منها العالمي لمرحلة جني ثمار التأسيس على منهج الفريق البطل، من خلال اختيار المميزين وتطعيمهم بالمواهب الباقية من خارج النادي، ما يعزز فرص استمرارية المنحى التصاعدي له، وبقاءه في هرم الفرق مواسم عديدة، يكون خلالها منافساً شرساً على كل البطولات كما هو الآن. البشارة التي وصلت لجماهيره ومحبيه، ولم تنطق بها شفاه المنظمين، ولم تفضحها كلماتهم، كانت تُرى من خلال قوة الحضور وروعة التنظيم ودلالات الهدايا ورموزها، فقد كانت رسائل عزيمة، تحث على العمل القادم بكل إصرار، وتنفخ روح الحياة والأمل لمرحلة ليست كما سبق. أخطأوا فهم يستحقون: استحق لاعبو النصر العقوبة، ولا مشاحة فيما أصدره الاتحاد السعودي لكرة القدم، غير أن عدم تضمين البيان الذي نص على العقوبة أي إشارة للبنود التي رجعوا إليها في لائحة العقوبات، تفسر التباين في العقوبة بين اللاعبين مع تساوي الفعل، إضافة إلى استقالة رئيس اللجنة قبيل إصدار العقوبة يجعل الوسط الرياضي يتساءل: لماذا كل هذا اللغط والتخبط؟ من أخطأ يستحق العقوبة، فلماذا الخلافات دائما بين أعضاء اللجان حاضرة؟ هل مُناخ العمل غير صحي؟ هل يمارس عليهم ضغوط تجعلهم غير قادرين على المضي في العمل بارتياح وسكينة؟ ربما كل شيء وارد، فروح التعصب تنخر في الوسط الرياضي منذ زمن، وترسباتها بدأت تظهر وتطفو على السطح, والآن أمام لقطة البصق التي ظهر بها لاعب الهلال ناصر الشمراني في المباراة نفسها: هل سنرى قرارا يحاكي ما تم اتخاذه، أم سنرى استقالة جديدة، أم تستمر حالة الغليان في وسط ينشد أنظمة واضحة وقوانين لها السلطة المطلقة في تنظيم وتسيير المسابقات وحمايتها من الفوضى والعبث.