انتشرت خلال الفترة التي تسبق شهر رمضان الكريم إعلانات تدعو إلى تقديم الإفطار في مدن المملكة وخارجها. بالأمس قرأت عن قيام المملكة بتأمين إفطار للنازحين السوريين والصوماليين من خلال سلال إفطار بقيمة 12 مليون ريال. لعل العناية بالصدقات والإنفاق في سبيل الله أحد أهم الأمور التي نحتاج إليها في هذا البلد الآمن. فالصدقة تدفع غضب الرب وتدفع البلاء وتبارك الرزق. يكفينا قول المصطفى ــ صلى الله عليه وسلم ــ لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "بل بقيت كلها إلا كتفها". عندما أبلغته أنها تصدقت بكل لحم شاة ذبحوها وأبقت الكتف لعلمها أن الرسول يحب الكتف، فقالت: "ذهبت كلها إلا كتفها". كما أن هذه الصدقات تحمينا من المخاطر التي تهددنا بسبب إهمال شكر النعمة من قبل الكثيرين، فتسابقوا في الإسراف في المأكل المشرب. هذا إضافة إلى المؤسسات الفردية والشركات التي تعمل في مجال الإعاشة والمطاعم والفنادق، التي ترمي أكثر مما تبيع. لا أنسى أن أذكر إهمال الجمعيات الخيرية التي تعلم أن هناك وسائل كثيرة لتوعية الناس، وتسلم ما يفيض عن حاجتهم وولائمهم ليوزع على الفقراء والمحتاجين. يدعوني هذا إلى المطالبة بأن تتبنى وزارة الشؤون الاجتماعية باعتبارها المسؤولة عن محاربة الفقر والعناية بالمحتاجين، خطة متكاملة على غرار ما تبنته الحكومتان التركية والماليزية وغيرهما. خطة تفاعلية تحقق الاستفادة من كل المواد الغذائية التي تباع في السوق وتمكن الجميع من الوصول إلى احتياجهم بكرامة. إن وجود مثل هذه الخطة والتنفيذ الدقيق لها سيؤدي إلى خفض كميات الهدر الهائلة التي نشاهدها. كما سيسهم في نشر التوعية بأهمية الاقتصاد الغذائي بداية، ومن ثم يمكن تطبيقه على بقية مكونات الهدر الذي تعيشه البلاد. أعود للتذكير بأهمية الصدقة والتفكير الاقتصادي في شهر رمضان. هنا يمكن أن تكون الأسر ما يشبه الجمعيات التعاونية خصوصا في الأحياء التي يسود فيها التفاهم والتعاون بين الجيران. إذ تقوم كل أسرة بإعداد طبق واحد كل يوم ويتم إرسال ما تعده الأسرة لكل سكان الشارع. بهذه الطريقة نضمن التنوع والتعاون وكسب أجر الصائم، وحماية النعمة التي نحن محاسبون عليها. يمكن أن نصرف الفائض من المال على تفطير الصائم بالطرق الشرعية والمضمونة، فنحقق الألفة والتعاون وحفظ نعم الله.