كان محمود درويش يقول ليس للكردي إلا الريح ولعله أطلق هذه العبارة الشعرية من وحي صداقته وشغفه المعروف بالشاعر سليم بركات . الريح التي تحدّث عنها درويش قبل حوالي عقدين لم تكن لأقلية واحدة، ولو كان على قيد الحياة الآن لكتب ليس للدرزي إلا الريح، لكن الأقليات في سوريا الجميلة،سوريا الهلال الخصيب، وسوريا بلاد الشام.. هي لسوريا وليست للريح.. والأهم من ذلك.. أقليات ليست لنظام. أقول، ببساطة، إن الأقليات الجميلة والحميمة في بلاد الشام حمتها وحرستها وعزّزت كينونتها الثقافية.. الأقليات نفسها وليس النظام السياسي، لأن النظام السياسي هو الريح، أما سوريا فهي الأرض. أصغ إلى اللغة السياسية الهادئة التي يتحدث بها وليد جنبلاط - يقول لك سوريا أولاً، وليست الطائفة أولاً. يتحدث هذا الرجل الذي لم يتخل عن صلابته يوماً عن عروبية متأصلة في دمه. يقول لك أنا عربي قبل أن أكون درزياً. لم يقل ليس لي إلا الريح، قال لي سوريا.. سوريا المؤسسات والتاريخ والجغرافيا هذا الذي يحمي الإنسان. تاريخه وليس نظامه. الكردي أيضاً الذي تجري في عروقه دماء صلاح الدين الأيوبي، ليس له إلا بلاده. ومسقط رأسه. إنه سوري، ولكن بلا استتباع معنوي أو رسمي إلى نظام في حد ذاته. قبل يومين كانت السيدة تغريد الحجلي وهي وزيرة الثقافة في الحكومة السورية المؤقتة تتحدث على فضائية عربية بلغة هادئة وصبورة ولكن قوية من داخلها.. عن السهل والجبل.. الجبل تقصد به السويداء في جنوبي سوريا والسهل تقصد به محافظة درعا.. أجمل ما تحدثت به هو الإنساني والشعري والسياسي. قالت شيئاً عن القمح والآثار في الجنوب، وقالت بما معناه إن من يحمي الأقليات ليست النظم والأنظمة السياسية، بل يحميها النظام الإنساني بهدوء ومحبة وحنان. وبكلمة سريعة يا صديقي القارئ.. إذا كان ليس للكردي والدرزي والقوقازي إلا الريح.. فما الذي يمكن أن يتبقى للفلسطيني؟؟ .. هو الآخر، هذا الفلسطيني، أقلية.. وليس له إلا التراب.. تراب بلاده.. وليس ريح الآخرين. ليس للفلسطيني إلا التراب. yosflooz@gmail.com