ضج «فيس بوك» منذ أيام لخبر صديقة إعلامية مخضرمة، أعلنت عن تلقيها عرض عمل بدولة الإمارات وأنها تفكر به، وخلال أيام عادت فأعلنت أنها قبلت العرض، وتستعد لمغادرة البلاد. ولا أعلم لماذا الضجة، لأن كثيرين بدأوا عد العدة وحزم الحقائب والقلوب للمغادرة، لماذا؟، لا أعتقد أن مقالاً أو مقالات ستكفي. فهل نتحدث عن بلد طارد للأحلام وللكفاءات والخبرات. يضع الجاهل والغريب بدل ابن أرضه المؤهل والمتعلم؟، هل نتكلم عن السكوت الفادح للخروقات الأخلاقية، والسماح للفساد بالانتشار والواسطة بالسيطرة على سير التعامل والعمل. دون إقرار أو تفعيل قوانين لكبحها وإيقافها؟ أو نتكلم عن إحباط المواطن الذي عجز عن احتواء يأسه وخيباته المتتالية في وطنه، اقتصادياً واجتماعياً ووظيفياً وسياسياً، فبات يتخبط يمنة ويسرة، لا يعرف كيف يثبت نفسه، أو يسعد عائلته أو ينمي موهبته ويحقق طموحه؟ أو نتكلم عن منع الكتب وقتل المواهب وقمع الحريات والرأي الصريح، ومحاربة قول الحق وممارسة الصدق الذي سنت عليه الشريعة، حين أفادت بأن تغير الخطأ ولو بقلبك؟ أو نتكلم عن التبرعات المليونية المتتالية لدول لا تكاد تظهر على الخريطة، بينما عندنا، لا مستشفيات ولا جامعات ودور أوبرا وفنون ومسارح. أو تنمية شوارع ومبانٍ كتلك التي تزين الإمارات ودول الخليج؟ أم نتكلم عن الإنسان، المواطن الذي لا تنمية تشمله، ولا نظام تعليمياً ناجحاً يطور عقله ويغذي ذكاءه ويبث القوة في روحه، ويزوده بالمعارف اللازمة لبناء شخصيته وأخلاقه كما ينبغي؟ عن ماذا نتكلم، أو عن ماذا. تعب القلم، وسكتت الكلمات وتاهت الحروف... يقولون الديرة تغيرت، والكل يسافر ويغادر. أقول، ما عاد فيه وطن يضمنا لحضنه، وماعاد فيه حنان يهدهد أوجاعنا، يطمئننا بأن الغد أجمل. ضاع الوطن، وضيعنا.