تجددت يوم أمس الجمعة الاشتباكات على جبهتي جرود بلدة عرسال اللبنانية وجبال القلمون السورية بين مسلحي حزب الله من جهة وعناصر «جبهة النصرة» وتنظيم داعش من جهة أخرى، وذلك وسط معلومات عن عودة التعاون بين الطرفين الأخيرين بعد مواجهات عنيفة اندلعت بينهما الشهر الماضي. وبالتزامن، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» يوم أمس عن توقيف الجيش اللبناني عند حاجز اللبوة - عرسال شرقي البلاد المدعو أحمد الأطرش، الملقب بـ«نسر عرسال»، المتهم بـ«تفخيخ وتفجير عدد من السيارات في الهرمل (شمال شرقي لبنان) والضاحية الجنوبية لبيروت». ADVERTISING وادعت وسائل إعلام لبنانية أن التحقيقات الأولية بيّنت أن الأطرش كان يعمل لصالح أكثر من جهة «إرهابية»، وكان يقود دراجة نارية عندما تم توقيفه. على صعيد الاشتباكات، فإنها تجددت خلال الساعات الماضية في مناطق حدودية لبنانية وسورية وبالتحديد في جرود عرسال وفي القلمون، بعد هدوء حذر ساد المنطقة يوم الخميس الماضي. وتضاربت المعلومات حول المواقع التي شهدت الاشتباكات، فبينما أفاد ناشطون سوريون أن المواجهات تركزت يوم أمس في جرود عرسال، ذكرت وسائل إعلام حزب الله أنّها انحصرت في جرود الجراجير في القلمون، وهي منطقة يسيطر عليها تنظيم داعش. ولقد قال حزب الله إن عناصره «استكملوا مع الجيش السوري تقدمهم في جرد الجراجير في القلمون، وتمكنوا من السيطرة على على قرنة شعاب النصوب وقرنة أبو حرب وقرنة سمعان، وتقدموا باتجاه قرنة شميس الحصان جنوب غربي جرد الجراجير». وتحدث الحزب عن «حالات فرار» في صفوف مسلحي «جبهة النصرة» و«داعش» بعد التنسيق بينهما في جرود الجراجير لإعاقة تقدّم حزب الله والجيش السوري وعن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المسلحين. وفي المقابل، أشار مدير «مكتب القلمون الإعلامي» ثائر القلموني لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاشتباكات تركزت يوم أمس بين عناصر حزب الله ومقاتلي «جبهة النصرة» في جرود عرسال، نافيا أن تكون المواجهات قد وصلت إلى جرود الجراجير السورية. وكشف القلموني عن عودة «التعاون» بين «داعش» و«جبهة النصرة» لصد تقدم حزب الله والجيش السوري بعد نحو شهر على مواجهات محتدمة بين التنظيمين المعارضين أدّت لمقتل العشرات منهما. وكان «جيش الفتح»، الذي يضم معظم الفصائل المقاتلة في القلمون وفي طليعتها «جبهة النصرة»، قد أصدر منتصف شهر مايو (أيار) الماضي بيانًا سمّاه «البيان رقم 1» أعلن فيه الحرب على تنظيم داعش في المنطقة، متهمًا إياه بـ«الخيانة وتكفير المسلمين وهدر دمائهم». ويبدو أن مسعى تحقيق المصالحة بين «داعش» و«النصرة» أدّى غرضه فظهر تنسيق بينهما لمواجهة حزب الله، خاصة أن «داعش» شنّ مطلع الأسبوع الحالي سلسلة هجمات على مواقع للحزب داخل الأراضي اللبنانية. ومع تسارع المستجدات الميدانية على السلسلة الشرقية، يلف الغموض مصير العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى التنظيمين المذكورين، ففي حين تروّج مصادر لبنانية لمعلومات عن نقلهم إلى داخل بلدة عرسال بعد احتدام المواجهات في الجرود، تنفي «جبهة النصرة» نفيًا قاطعًا ما يجري تداوله مؤكدة أنّهم كما زعيم الجبهة في القلمون «أبو مالك التلي» - الذي زعمت وسائل إعلام حزب الله أنّه انتقل أيضا إلى داخل بلدة عرسال - لا يزالون في الجرود اللبنانية و«لن يتركوها إلا جثثا». وفي هذا السياق، أشار القلموني إلى أكثر من عامل يمنع عناصر «النصرة» من الانتقال إلى داخل عرسال: «فالجيش اللبناني يحكم سيطرته على كل مداخل عرسال ويستطيع كشف كل المعابر ما يجعل من الصعب جدا الدخول إليها، كما أن البلدة بالنسبة لقيادات الجبهة تُعتبر غير آمنة باعتبار أن عناصر الجيش اللبناني قادرون على مداهمة أي منزل في عرسال في أي وقت يريدونه، ما يشكّل خطرا على هذه القيادات». بالمقابل، لا يزال مصير العسكريين اللبنانيين المختطفين لدى تنظيم داعش مجهولا تماما، ففيما تتحدث بعض المعلومات غير المؤكدة عن نقلهم إلى الرقة، تشير معلومات أخرى إلى أن التنظيم يحتجزهم في مناطق لا تزال تحت سيطرته في القلمون وبالتحديد في قارة السورية.