×
محافظة المنطقة الشرقية

عبد الله الحاتمي .. 2600 ساعة «تكاتف»

صورة الخبر

منذ طفولتها وهي تعيش حياة بائسة في بيت موظف بسيط ويحيط بها الحرمان من كل جانب، بمجرد أن ظهرت عليها معالم الأنوثة تقدم إليها العديد من الشباب في مثل عمرها وظروفها، لكنها رفضتهم جميعا فقد كانت تنتظر عريساً ثرياً ينتشلها من فقرها وتتمتع معه بنعم الحياة وينقلها إلى حياة الثراء التي طالما حلمت بها حتى طلب يدها مليونير من إحدى الدول العربية، فوافقت عليه وشجعها والداها على ذلك، تزوجها بعد أن قام بتأمين مستقبلها بمبلغ كبير في البنك، لكنه مات بعد عامين فقط من الزواج، واجهت الحياة بمفردها وأنشأت مصنعا للملابس ودارت بها الأيام حتى شارفت على الأربعين، التقت مع محاسب شاب يعمل في المصنع كان يمر بظروفها القديمة ذاتها، وألقت بشباكها عليه رغم أنه أصغر منها في العمر ب 15 عاما فلم يقاوم طويلاً حيث كان قد سئم من صراعه مع الحياة لتوفير متطلبات الزواج من حبيبة القلب، وفضل الحياة الرغدة على الشقاء والتعب وضحى بحبيبته رغم قصة الحب التي جمعت بينهما فترة طويلة من الوقت، لكنه في النهاية دخل السجن. عاش صفوت حياة يحيط بها الحرمان من كل جانب فقد نشأ في أحضان أسرة فقيرة، والده كان موظفاً بسيطاً لا يملك سوى راتبه الشهري المتواضع والذي يكفي بالكاد لتوفير متطلبات الحياة لأسرته التي تضم أبناءه الخمسة وزوجته، ورغم هذه الحياة المأساوية الكئيبة وعدم قدرة الأسرة على توفير أي دروس خصوصية له فقد تفوق صفوت في دراسته حتى حصل على مجموع كبير في الثانوية العامة أهله لدخول كلية التجارة، اجتهد وتفوق في دراسته حتى يتخلص من تلك الحياة الصعبة التي يعيش فيها، لم ينتظر توفير الجو المناسب للمذاكرة أو الملابس الفاخرة في الجامعة حتى يضاهي زملاءه بل أعلن منذ اليوم الأول عن فقره ولم يخجل منه وكان تفوقه أهم من ملابسه ومن مظهره فحرص عليه حتى حصل على البكالوريوس بتفوق والتحق بالعمل في إحدى المصالح الحكومية، لاحظ صفوت أن جارته أمل والتي تصغره بخمس سنوات قد كبرت وأصبحت عروس وبراءتها كانت تزيد من جمالها وشعر وكأنه لأول مرة يراها وعلى الفور تقرب منها وأبدى إعجابه بها والمدهش أنها هي الأخرى كانت معجبة به وارتبطا سويا بعلاقة عاطفية شعر بها ولمسها كل المقربين لهما وبدأ الخطاب يتوافدون لخطبة أمل لكن لم ترض بأي واحد منهم فقد تمكن صفوت من قلبها وعقلها وأصبح عليه التقدم لخطبتها لغلق الباب في وجه كل من يفكر في الزواج منها وبالفعل تقدم لخطبتها، رغم التحفظ على قلة إمكاناته، فلم يعترض عليه أحد من أسرة أمل فهو جارهم بالمنطقة والجميع يشهد بحسن أخلاقه وتم إعلان الخطوبة ومرت ثلاثة أعوام بسرعة بعدها دون أن يتمكن صفوت من تدبير تكاليف الزواج فمرتبه من عمله يكفي مصروفاته الشخصية بصعوبة علاوة على التزامه بمساعدة والديه على تربية أشقائه فما بالك بتأثيث بيت للزوجية، بحث عن عمل إضافي حتى يستطيع تدبير مصروفات الزواج وبالفعل نجح في الحصول على عمل مسائي في مصنع للملابس الجاهزة تمتلكه أرملة قاربت الأربعين من عمرها وكانت تلك الخطوة نقطة تحول كبيرة في حياته. كانت الأرملة عايدة صاحبة مصنع الملابس قد مرت في طفولتها بظروف بائسة تشبه تماماً حياة صفوت فقد كانت الابنة الكبرى لوالدين فقيرين يكادان أن يكونا معدمين ولهما من الأبناء خمسة غيرها، كثرة الأولاد وطبيعة عمل والدها كعامل بسيط بأجر زهيد حالادون إصراره على تعليم أبنائه ونفد صبر عايدة مبكراً واختصرت الطريق وتركت المدرسة ولم يحاول والداها إقناعها بالعدول عن فكرتها فقرارها رفع حملاً ثقيلاً من على عاتقهم، كلما تمر الأيام تزداد الأمور سوءاً وتتمنى أن تفلت من مستنقع الفقر الذي تعيش فيه وبعد تفكير طويل توصلت إلى أن الحل الوحيد هو الزواج وكان يمكنها الزواج بسهولة، خاصة أنها ومنذ أن بدأت بشائر الأنوثة تطل برأسها أصبحت هدفا لنظرات الإعجاب من الرجال والشبان وتقدم العشرات يطلبون يدها فقد وهبها الله قدراً كبيراً من الجمال والأنوثة لكنها رفضتهم جميعاً، فقد كانوا من نفس مستواها المادي والاجتماعي بينما هي تريد زوج يغير حياتها وينتشلها من فقرها وتتمتع معه بنعم الحياة، تغير ثوبها المهلل الذي لا يتغير حتى في الأعياد، فكم من مرة وقفت أمام محلات الملابس تشاهد معروضاتها وهي تتخيل نفسها في كل ثوب، جاءتها الفرصة مؤخراً، فأمسكت بها بيديها وأسنانها عندما تقدم مليونير من إحدى الدول العربية يطلب يدها ورغم أنه يزيد عنها في العمر بسنوات كثيرة وله زوجتان والعديد من الأبناء في بلده، فقد وافقت عليه على الفور كما وافق والدياها فقد كان ثراؤه يغطي على كل عيوبه ويطغى على كل نواقصه، تم الزواج بعد أن قام العريس بوضع مبلغ كبير في البنك باسمها كتأمين لمستقبلها ولم يبخل زوجها عليها بشيء فأغدق عليها بأمواله وأغرقها بهداياه الثمينة واشترى لها شقة تمليك وسيارة فاخرة لكنه مات بعد عامين فقط من الزواج، بعدها خرجت لمواجهة الحياة بمفردها وأنشأت مصنع الملابس الجاهزة. عرف صفوت بسهولة كل أسرار العمل وبذل كل ما أوتي من جهد في عمله حتى تمكن من تحصيل بعض الديون التي كانت شبه معدومة من بعض العملاء كما نجح في تصريف بعض البضائع الراكدة بالمخازن منذ فترة فأعطته عايدة صاحبة المصنع ثقتها بلا حدود وأعطته توكيلاً عنها ليدير كافة أعمالها وأملاكها ويتصرف فيها كأنه المالك الأصلي، لكنه بدأ يشعر أنها كلما أتيحت لهما فرصه الاختلاء تغرس نظراتها فيه وتتفحص كل جزء من جسده وفي كثير من الأحيان تسأله عن خطيبته وهل هي جميلة؟ وهل يحبها؟ وهل هي الأخرى تبادله الحب بنفس القدر؟ أسئلة غير بريئة وتخيف وتثير الشكوك خاصة أن صاحبة المصنع امرأة تتمتع بكل مقاييس الجمال ورغم المرحلة الحرجة التي تمر بها فقد كان جسدها مفعم بالشباب ومفاتنها لا تخفى على عين علاوة على ثروتها الكبيرة، وبالطبع كانت متعطشة للحب، ظل الحال هكذا عدة أشهر وكأنها تدق على باب قلبه برفق وعندما تأكدت أنه أصبح كالثمرة الناضجة التي حان موعد قطافها فوجئ بها تدعوه للعشاء في منزلها، وبعد تناول الطعام اقتربت منه وبدلال أعلنت له عن رغبتها في أن تكون علاقتهما أقوى من مجرد علاقة العمل وعرضت عليه الزواج بصراحة باعتبار أن الزواج ليس عيباً أو حراماً وأنها حصلت من الدنيا على كل شيء إلا الحب الذي عاشت طوال عمرها محرومة منه ومنحته فرصة للتفكير، وأكدت أن رفضه لن يترتب عليه أي شيء، سال لعابه أمام العرض المغري، رغم أنها تزيد عنه في العمر بسنوات كثيرة ونسي خطيبته وأعلن عن موافقته وعبر لها عن إعجابه الشديد بها وأنها في رأيه أجمل امرأة في الوجود ولم يكن يحلم بالزواج منها، تم الزواج ولم تبخل عليه عايدة بشيء فأغدقت عليه بأموالها وأغرقته بهداياها الثمينة فجرت النقود في يديه واشترى سيارة فاخرة وأنجب منها الطفل الأول وبعدها البنت. بعد مرور 10 سنوات على الزواج كان صفوت قد بلغ الخامسة والثلاثين من عمره أما هي فكانت قد قاربت الخمسين، وبدأت المعارك بينهما عندما حاصرته بغيرتها وشكوكها فربما يقوده شيطانه إلى العودة إلى خطيبته السابقة بعد أن تحصل على الطلاق من زوجها، أصبح كل منهما وكأنه يتربص بالآخر ويخاف منه في نفس الوقت حتى فوجئ بها تخبره أنها سوف تقوم بإنشاء مصنع جديد للملابس أيضاً مع شريك من أقارب زوجها الأول عرض عليها المشاركة نظير دفع رأس المال كله ولن تقدم هي سوى خبرتها فقط وسوف تترك له المصنع القديم يديره بمعرفته، انتفض صفوت غاضباً ورفض سماع باقي حديثها معلنا أنه زوجها وليس مجرد موظف عندها ولن يسمح لها بالمشاركة مع أي شخص آخر، سريعاً تحول النقاش بينهما إلى مشادة ارتفع فيها صوتهما، ومن شدة الغضب انقض عليها صفوت وتماسكا وانهال كل منهما على الآخر باللكمات حتى تمكن من عنقها ولم يفق من ثورته إلا بعد كانت قد لفظت أنفاسها الأخيرة. تلقت الشرطة بلاغاً بالحادث من الجيران الذين تجمعوا على صوت المعركة الزوجية وتم القبض على صفوت، وأمرت النيابة بحبسه على ذمة التحقيق بعد أن وجهت إليه تهمة قتل زوجته عمداً مع سبق الإصرار.