×
محافظة المدينة المنورة

«خطة رمضان» في مؤتمرين بالمدينة ومكة

صورة الخبر

لا صحة حقيقيّة للجسد، من دون صحة نفسيّة». تلخّص تلك الكلمات شعاراً نادى به الدكتور بروك كيشولم، وهو اختصاصي في الطب النفسي كان أول من شغل منصب مدير عام «منظّمة الصحّة العالميّة» عقب تأسيسها (1948). بعد مرور أكثر من نصف قرن على ذلك الشعار، تراكمت أدلّة علميّة تدعم صحته، بل تؤكد وجود علاقة وثيقة بين الأمراض النفسيّة، خصوصاً «الكآبة المرضيّة» Clinical Depression من جهة، وارتفاع معدل الإصابة بأمراض مزمنة، كالسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها. ووفقاً لتقارير علميّة متنوّعة، تتداخل الأمراض النفسيّة والجسديّة بطريقة معقّدة. إذ تبيّن أن المصابين بالنوع الثاني من السُكّري (يسمّى أيضاً «سُكّري البالغين» Maturity Onset Diabetes)، يكونون عرضَة للإصابة بالكآبة المرضيّة، بضعفي معدّلاتها عند غيرهم. ومع اجتماع المرضين سويّة، يعاني المريض من صعوبة العناية بالذات، ما يفاقم وضعه الصحيّ إلى حدّ كبير. كذلك ترتفع الإصابات بالكآبة المرضيّة بين المدخنين إلى ضعفي معدلاتها لدى غير المدخنين. كذلك يعاني قرابة نصف مرضى السرطان من القلق والكآبة المرضيّة، فيما يساهم علاج الكآبة في رفع معدّل البقاء على الحياة في تلك الشريحة من المرضى. وبصورة مشابهة، يصل خطر الإصابة بالنوبات القلبيّة لدى من يعانون كآبة مرضيّة، إلى ضعفي ما لدى غيرهم. ويرتفع معدّل الوفيّات بين مرضى القلب، عند معاناتهم كآبة مرضيّة أيضاً. كيمياء الدماغ يضاف إلى الصورة المعقّدة للكآبة المرضيّة، وجود شريحة من المُصابين بها ممن لا يلتزمون بالعلاج المناسب، على رغم توافره لديهم. وفي سياق متّصل، أشار البروفيسور راكيش جين، أستاذ الطب النفسي في «جامعة تكساس» الأميركيّة، الذي زار أخيراً عدداً من المستشفيات في مناطق مختلفة في المملكة العربية السعوديّة، إلى أن الطب الحديث أظهر وجود علاقة متينة بين بعض المواد التي تفرزها أعصاب الدماغ من جهة، والكآبة المرضيّة من جهة ثانية. وأشار جين إلى التحدي الضخم الذي تمثّله الزيادة المستمرّة في أعداد المُصابين بالكآبة المرضيّة عالميّاً، خصوصاً أنها تنتشر في الأعمار كافة، وتشمل الجنسين أيضاً. وذكّر بتقديرات علميّة تورد أن ربع سكّان الكرة الأرضيّة يصابون بمرض نفسي في مرحلة ما من حياتهم، وتساهم تلك الأمراض في الوفيات وحالات العجز، إضافة إلى أنها تمثّل قرابة 12 في المئة من العبء الإجمالي للأمراض. وعن علاقة الاكتئاب والقلق بالشعور البدني بالألم، أفاد جين بوجود دراسات عالمية تؤكّد أن أعراض القلق والكآبة المرضيّة تسبق الإحساس بالآلام الجسديّة لدى 3 من كل 4 مرضى، وأن القلق والكآبة المرضيّة يزيدان تعقيد الألم العضوي وصعوبته. وتناول جين وسائل علاج الكآبة المرضيّة، أوضح جين أن الأطباء اعتمدوا طويلاً على الأدوية التي توقف تناقص مادة الـ «سيراتونين» في الدماغ، إلا أن «الجمعية الأميركيّة للأطباء النفسيّين» و «الشبكة الكنديّة لعلاج الاضطرابات المزاجية والقلق»، صارتا تنصحان بأدوية توقف تناقص مادتي الـ «سيراتونين» والـ «نور- أدرينالين» في الدماغ، كخط علاج أول للاكتئاب. وأوضح جين أن النوع الأخير من الأدوية يساعد في تحسين الإرهاق والتعب ونقص التركيز، لدى المُصابين بكآبة مرضيّة، إضافة إلى تقليل مخاطر الضعف الجنسي وزيادة الوزن لديهم أيضاً. وأفاد جين بأن التجربة العمليّة أظهرت أن تلك الأدوية تتمتع بمعدلات نجاح عالية تترافق مع درجة أمان متقدّمة. وأضاف «أن المفاضلة بين استخدام الأدوية المختلفة المُضادّة للكآبة المرضيّة، تعتمد في المقام الأول على تقليل الآثار الجانبية المتوقّعة مع زيادة عنصر الأمان الذي يتمتع به الدواء. وأضاف: «يلي ذلك ضرورة التنبّه إلى مدى تحمل المرضى للأعراض الجانبيّة، إضافة إلى التأثير العلاجي لتلك الأدوية التي يجب الحرص على ألا تتعارض مع أي أدوية أخرى يتناولها المريض». ودعا راكيش الأطباء إلى وصف العلاج الدوائي المناسب لكل حال على حدة، مطالباً المرضى وذويهم بعدم الخجل من زيارة الطبيب النفسي والخروج من دائرة المعاناة في صمت. واختتم جين حديثه بالتشديد على أهمية الاسترشاد والعمل بالقواعد الإرشاديّة العالميّة في تشخيص الكآبة المرضيّة، إضافة إلى تحديد العلاج المناسب في شكل دقيق، مؤكداً أن ذلك يساعد الأطباء في تقديم مستويات متقدّمة من الرعاية الصحيّة للمرضى.