أدَّت المدنية الحديثة إلى زيادة حجم احتياجات الأُسر وكثرة خروجهم من المنزل لأداء بعض الالتزامات وحضور العديد من المناسبات الاجتماعية داخل المدن وخارجها، الأمر الذي جعل بعض أرباب هذه الأُسر غير قادرين على الوفاء بكافة الالتزامات تجاه أُسرهم، في ظل انشغالهم الدائم في أداء أعمالهم اليومية وقضاء فترات طويلة خارج المنزل تبعاً لذلك، لذا لجأ البعض إلى استقدام السائق الخاص ليُخفف من حجم الأعباء اليومية المُلقاة على عاتق الأب في هذا الجانب، فنجده يعمل على أداء مشاوير أفراد الأسرة وتوفير احتياجاتهم اليومية وغير ذلك من الأعمال التي يجب عليه الوفاء بها في هذا الشأن. ومع ذلك فإن العديد من السائقين قد يتعرضون لساعات عمل شاقة ومتواصلة دون رحمة، ومنهم من ينتظر ساعات طويلة أمام قصور الأفراح والمجمعات التجارية في أجواء حارة أو باردة جداً، كما أن الكثير من الأُسر قد تخطئ كثيراً بحق سائقيها إذ لا ينال الكثير منهم قسطاً كافياً من الراحة حتى في أيام العطل التي تكثر فيها المشاوير ويتزايد فيها حجم الالتزامات والمناسبات، إلى جانب وجود من يُثقلون على السائق بالطلب منه أداء بعض المشاوير والالتزامات المتعلقة ببعض الأقارب أو الجيران أو الأصدقاء، مُتناسين أنَّ القوانين القديمة والحديثة حثَّت على ضرورة الالتزام بإعطاء العامل حقه الطبيعي في أخذ فترة من الراحة لتُزيل ما علق بنفسه من مشاعر سلبيَّة وتكون حافزاً كبيراً له في بذل مزيد من الجهد، وفي خضم ذلك فإنَّنا نتساءل عن إمكانيَّة قبول فكرة تحديد وقت بعينه ليمارس فيه السائق أداء الواجبات المنوطة به، على أن يتمَّ منحه قسطاً كافياً للراحة والاستجمام، مع منحه إجازة أُسبوعيَّة أو شهريَّة للراحة، وإعطائه مبلغاً مالياً في مُقابل أدائه بعض المهام التي يؤدِّيها خارج أوقات عمله الرسميّ؟. دوام ثابت ورأى "يوسف المبارك" أنَّ العديد من الأُسر التي يتواجد لديها سائق في المنزل قد لا تُراعي أن يكون للسائق دوام ثابت بحجَّة أنَّها لم تستقدمه إلاَّ لقضاء احتياجاتها التي قد يتطلَّب أداؤها فترات طويلةً من اليوم، مُضيفاً أنَّه قد يكون لكُل فرد من أفراد العائلة مشاويره الخاصة التي يحتاج أن يقضيها، وبالتالي فإنَّ السائق ما أن ينتهي من مشوار حتى يعود مسرعاً لتلبية مشوار آخر يقضيه لفرد آخر من أفراد الأُسرة، ومع ذلك فإنَّ البعض قد لا يُبالون أأُرهق هذا السائق أم لا. حالات استثنائيَّة وأيَّدت "خيرية القحطاني" أن يكون للسائق مواعيد مُحدَّدة للراحة وللأكل، إلى جانب تحديد وقت مُحدَّد ينتهي فيه دوامه اليوميّ، إلاَّ في الحالات الاستثنائية والطارئة التي قد تحدث، مُبينة أنَّ لكُل فردٍ منَّا طاقة محدودة ودرجة معيَّنة من التحمل، مُشيرةً إلى أنَّ الغالبية العظمى من الأسر قد لا تهتم بحال سائقها وترى أنَّه يجب أن يكون على أُهبة الاستعداد في أيّ وقت من اليوم. زيادة راتب وأشار "عبدالرحمن الدايل" إلى أنَّ السائق جاء لكي يعمل، ومع ذلك فإنَّه يكاد يكون هو الموظف الوحيد الذي ليس لديه دوامٌ مُحدَّد، فالمشاوير ليس لها مواعيد ثابتة، خاصَّة في فترة المساء، فمتى دعت الحاجة أحد أفراد الأسرة للخروج فإنَّ على السائق تلبية الطلب دون تذمر، مؤكِّداً على أنَّه على الصعيد الشخصي يدفع لسائقه مبالغ مُعيَّنة أو يزيد راتبه كُلَّما كانت هناك مشاوير إضافية غير المشاوير اليومية المعتادة، بيد أنَّه لا يُؤيد أن يكون للسائق دوام ثابت. ولفتت "سلمى القرني" إلى أنَّ العديد من الأُسر في مجتمعنا لم تستقدم السائق لتجعل له دواما محددا في اليوم، خاصَّة أنَّ عمله ليس محدد بزمن مُعيَّن، فهو حسب طلب رب الأسرة وبقيَّة أفرادها، مُشيرةً إلى أنَّ إلزام الأُسر بتحديد وقت معيَّن لعمل السائق سيضر بالأُسر ويؤثر سلباً على أداء التزاماتها واحتياجاتها اليومية، داعيةً إلى التخفيف من المشاوير غير الضرورية ومنح السائق وقتاً أطول للراحة، بدلاً عن إلزام الأُسر بتحديد فترات بعينها لعمل السائق. تقنين المشاوير وشدَّد "صالح العبدالكريم" على ضرورة الرفق بالسائق وعدم إرساله لقضاء احتياجات الأصدقاء والأقارب والجيران، مُضيفاً أنَّ ذلك جعل بعض السائقين لا يجدون الوقت اللازم لأكلهم أو راحتهم، مُشيراً إلى أنَّ بعضهم قد يجد نفسه مضطراً لتناول طعامه داخل السيارة على الطريق؛ وذلك نتيجة كثرة الطلبات والمشاوير التي لا تنتهي طوال اليوم، لافتاً إلى أنَّ في ذلك إجحاف بحقوقه كموظف، داعياً إلى تقنين المشاوير التي لا تخدم الأسرة بشكل مباشر، كما أنَّ على الأُسر أيضاً ألاَّ ترسل سائقها لقضاء مشاوير أخرى لا تخصها؛ لأنَّه جاء للعمل لدى أُسرة واحدة وليس لكافة أفراد العائلة والجيران والأصدقاء. مشاعر سلبيَّة وأكَّد "د.محمد المحيسي" -أستاذ التربية بجامعة نجران- على أنَّ السائق يحتاج للراحة الكافية؛ حتى يستطيع أداء عمله على أكمل وجه، مُضيفاً أنَّ علماء النفس والاجتماع كان لهم تفسير منطقي لضرورة إعطاء النفس والجسم الراحة اللازمة أثناء فترة العمل، مُشيراً إلى أنَّ القوانين القديمة والحديثة تحث على الالتزام بإعطاء العامل حقه الطبيعي في أخذ فترة من الراحة، لافتاً إلى أنَّ هذه الفترة ستعود عليه بالنفع وتعمل على إزالة ما علق بنفسه من مشاعر سلبيَّة وستكون حافزاً كبيراً في بذل مزيد من الجهد. يتعرضون لساعات عمل شاقة ومتواصلة من دون رحمة.. وانتظارهم في الأجواء الحارة والمتقلبة أسوأ وأضاف أنَّ العديد من الأُسر تخطئ كثيراً بحق سائقيها إذ لا ينال الكثير منهم قسطاً كافياً من الراحة حتى في أيَّام العطل التي تكثر فيها مشاوير هذه الأُسر، مُشيراً إلى أنَّ ذلك قد يؤدي في بعض الأحيان إلى حصول حوادث كثيرة نتيجة الضغط النفسي والبدني الذي يتعرَّض له السائق لكثرة المشاوير في ظل عدم حصوله على قسطٍ كافٍ من الراحة، داعياً إلى تحديد ساعات معيَّنة ليعمل فيها السائق خلال اليوم وإعطائه إجازة أُسبوعية، على أن يُراعي أفراد الأُسرة عدم تكليف السائق بأيَّة أعمال خلال هذه الفترة المحدَّدة سلفاً، إلى جانب مُراعاة احتساب الوقت الذي يعمل فيه السائق خارج هذا الاطار ومنحه أجرا معيَّنا كخارج دوام. إجازة أُسبوعيَّة وبيَّن "د.المحيسي" أنَّه من غير المعقول أن يعمل الفرد منَّا خارج أوقات دوامه دون أجر، وبالتالي فليضع كل شخص منَّا نفسه مكان هذا السائق، مُشيراً إلى أنَّ من أهم الأسباب التي تؤدِّي إلى هروب السائقين عدم منحهم أوقاتاً للراحة والاستجمام، إلى جانب إرهاقهم بكثرة المشاوير، لافتاً إلى ضرورة منح السائق إجازة أُسبوعية، أو على الأقل منحه يومين كل شهر، على أن ينتهي عمله اليومي في غير أوقات الإجازات عند الساعة العاشرة مساء كحد أعلى، مع منحه بدل وقت راحته زيادةً في راتبه الشهري، أو مبلغاً معيناً عن كل مشوار يتم خلال مواعيد راحته، داعياً الأُسر -خاصَّةً الأبناء والبنات- إلى حسن التعامل مع السائق، وألاَّ يستغلوا وجوده في الخروج المتكرر. وأوضح أنَّ السائق قد يجد نفسه أحياناً في مواجهة الابن الذي يريد الذهاب للنادي الرياضي الذي في شمال المدينة، والفتاة التي ترغب في الذهاب إلى المول النسائي الذي في الجنوب، والأم التي تريد الذهاب لصديقاتها في الشرق، وبعد ذلك عليه أن يتبضَّع للمنزل الذي يقع في الغرب، وفوق هذا ينال نصيبه من التأنيب والسب والشتم لتأخره عليهم، غير مبالين ببعد المسافات أو زحمة الطريق.