×
محافظة المدينة المنورة

بسطات مخالفة تتحدى أعين الرقابة

صورة الخبر

كانت البداية في إبريل/ نيسان مع حزمة اتفاقيات بين الأرجنتين وروسيا خلال زيارة الرئيسة كريستينا كيرشنر إلى موسكو. وتلت ذلك صفقة استثمارات ضخمة بقيمة 53 مليار دولار خلال زيارة قام بها رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ في مايو/ أيار إلى البرازيل، التي كانت المحطة الأولى في جولة شكلت هجمة تجارية، وشملت أيضاً كولومبيا والبيرو والتشيلي. وأين كانت الولايات المتحدة من كل ذلك؟ كانت غائبة.. وفي الواقع، تقوم الصين عضو مجموعة بريكس وكذلك روسيا على نطاق أضيق بتوسيع تجارتها واتفاقياتها عبر كل دول أمريكا اللاتينية. وتتوالى على المنطقة بلا انقطاع بعثات تجارية صينية لا تحصى، تماماً كما فعلت الولايات المتحدة بين الحربين العالميتين. وخلال اجتماع مهم في يناير/ كانون الثاني مع قادة أعمال أمريكيين لاتينيين، وعد الرئيس الصيني شي جينبينغ باستثمار 250 مليار دولار في مشروعات بنية تحتية في السنوات العشر المقبلة. وفي العام الماضي، بدأت شركة صينية مقرها في هونغ كونغ بناء قناة في نيكاراغوا، وهذا مشروع يتوقع أن ينجز في 2019. وستكون هذه القناة أكبر، وأعرض وأعمق من قناة بنما. ومن جهتها، أبرمت الأرجنتين صفقة مع الصين بقيمة 4.7 مليار دولار لبناء سدين لتوليد الطاقة الكهرمائية في منطقة باتاغونيا. ودرة هذه المشروعات ستكون بلا شك خط السكة الحديدية المقترح الذي سيكلف 30 مليار دولار، والذي سيمتد من ساحل المحيط الأطلسي إلى ساحل المحيط الهادي بطول 3500 كلم، والمقرر أن يبدأ من ميناء سانتوس البرازيلي وينتهي عند ميناء إيلوفيا البيروفي مروراً بمنطقة الأمازون. ويعد هذا المشروع ضرورة للبرازيل، لأنه سيوفر لها ممراً إلى المحيط الهادي. والرابحون سيكونون حتماً منتجي سلع من خام الحديد إلى فول الصويا ستصدر إلى آسيا، خصوصاً إلى الصين. والسياسة البرازيلية الرسمية، منذ سنوات الرئيس السابق لولا دا سيلفا، كانت تقضي بجذب استثمارات صينية. والصين أصبحت الشريك التجاري الأول للبرازيل منذ 2009 لتحل بذلك محل الولايات المتحدة. وهذا الاتجاه بدأ مع المنتجات الغذائية، وهو يتوسع الآن ليشمل الاستثمار في موانئ وسكك حديدية. وبنك التنمية الجديد الذي أنشأته مجموعة بريكس ( ليكون بديلاً من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي)، وكذلك البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي تقوده الصين، والذي تعد البرازيل عضواً مؤسساً رئيسياً فيه، سيكونان قطعاً في الصورة. وهذا التفاعل التجاري/ الاستثماري بين بريكس وأمريكا الجنوبية يتقاطع مع عملية سياسية معقدة. إذ إن القوى الثلاث الرئيسية في أمريكا الجنوبية البرازيل والأرجنتين وفنزويلا تواجه محاولات زعزعة استقرار متكررة من قبل المشتبه بهم المألوفين، الذين يستنكرون بانتظام السياسة الخارجية للرؤساء ديلما روسيف، وكريستينا كيرشنر ونيكولاس مادورو، والذين يتحسرون على الأيام الخوالي لعلاقة التبعية تجاه الولايات المتحدة. في المقابل، تكمن الاستراتيجية الصينية مثلها مثل الروسية في الاحتفاظ بالهدوء، والثبات في وضع مربح لكل الأطراف. وقد التقى شي جينبينغ الرئيس الفنزويلي مادورو في يناير/ كانون الثاني من أجل عقد صفقات، ثم التقى كريستينا كيرشنر في فبراير/ شباط للغرض ذاته وذلك بينما كان المضاربون يستعدون لإطلاق هجوم آخر ضد العملة الأرجنتينية البيزو. ثم جاءت جولة لي كه تشيانغ في أمريكا الجنوبية. وهكذا نرى أن الصورة الكبيرة على المدى الطويل ستبقى صلبة. ومجموعة بريكس ودول أمريكا الجنوبية (التي يجمعها اتحاد دول أمريكا الجنوبية يوناسور ) تراهن على بروز عالم متعدد الأقطاب، وعلى عملية استقلالية على مستوى القارة الأمريكية الجنوبية. ومن السهل رؤية كم أصبح هذا الوضع الجديد بعيداً جداً عن مبدأ مونرو. *كاتب وصحفي برازيلي (موقع روسيا اليوم)