المعالجات السكنية لا تحتمل تسويفا أو تعسفا إجرائيا، فالمشكلة قائمة منذ سنوات حتى بعد تخصيص وزارة مختصة لم تتم تلك المعالجات بصورة تستوعب الاحتياجات السكنية وتتعامل معها بيسر وسهولة حتى ننتهي الى محو قوائم الانتظار والاستحقاق. بل تراكمت الطلبات لأنها مشكلة مثل كرة الثلج أي قصور أو تقصير يؤدي الى كبرها بما يجعل التالي من طرق التعامل صعبا. حينما تم ابتكار برنامج القرض المعجل كان من الضروري أن يعجل بتنفيذه وأن يكون أكثر اتساعا لمزيد من الباحثين عن سكن، وحاليا - حسب الإحصاءات - فإن قوائم الانتظار لقروض الصندوق العقاري، تضم نحو 440 ألف متقدم، باشتراط أنه لابد أن يكون الحد الأدنى لمرتبه الشهري عشرة آلاف ريال، فيما قيمة القسط الشهري عند سداد القرض تقدر بـ «4167» ريالا، وأن يتم سداد القرض على مدى عشر سنوات بدون فوائد. والى جانب ذلك نجد معلومة أخرى بأن هناك نحو 120 ألف مواطن ومواطنة صدرت لهم موافقات على الاقتراض من الصندوق، لا يحق لهم الدخول في برنامج الإقراض المعجل. وبغض النظر عن المبررات التي تحرم شريحة من المواطنين باستثناء التحايل أو أي طرق غير شرعية للالتفاف على القرض والحصول عليه، فإن حرمان المواطن متى ثبت عدم امتلاكه السكن يعني بالضرورة قصورا من الوزارة والصندوق. السكن من الحقوق الأصيلة لجميع المواطنين، وما ذكرته عن التعسف الإجرائي هو إدخال المواطنين في نطاق شروط تعجيزية، فلا معنى لوزارة أو صندوق أو أي مؤسسة معنية إذا لم توفر المسكن لمواطن ليس لديه سكن ولا يتوافق مع الشروط، لابد من حلول لمثل هذه الحالات، وهي ذات أولوية لمن توضع لهم الشروط. بصورة واقعية لا يوجد كثيرون ممن يبحثون عن مسكن لديهم راتب في حدود العشرة آلاف ريال، ولا من يمكنهم أن يقسطوا 4 آلاف ريال ليعيشوا شهرهم في كد وشظف عيش، وحالهم أقرب الى توفير منح مجانية أو بأفضل ما يتيسر لهم، وعدم اعتبار هؤلاء في دراسات الوزارة والصندوق يعني أن الدراسات لم تكن واقعية أو متعالية على الواقع وتتجه الى نمط استثماري يستهدف متوسطي الدخل وما فوقهم ممن قد يمتلكون القدرة المالية لشراء مساكنهم بحر مالهم دون الحاجة لمساكن الوزارة وقروض الصندوق. لابد أن تكون الوزارة أكثر واقعية في دراساتها للتفاوت الاجتماعي وتنسق مع الجمعيات الخيرية التي توفر المساكن للشريحة الفقيرة. فتعجيل القرض لا يفيد من لا يملكون راتبا أدنى المبلغ المستهدف كراتب شهري، وإذا تعاملت الوزارة ببرود وتكبير وسادة تجاه الفقراء فإنها لم تؤد واجبها، ولا يمكن أن تكون إحصاءاتها دقيقة أو واقعية فيما يتعلق بتوفير المساكن، وحينها يصبح دور المطورين العقاريين والقطاع العقاري أفضل منها لأنه أكثر وضوحا وشفافية في تقديم وحدات بأسعار وفقا للسوق. دون دمج الشرائح غير المستطيعة للإيفاء بشروط الوزارة والصندوق، يصبح الأداء نخبويا ولا يخدم التنمية وتطور مجتمعنا، وعليهما إعادة النظر في استيعاب الشرائح التي تتدنّى مدخولاتها عن العشرة آلاف ريال والتي لا تملك دخلا ثابتا ولا مسكنا فهي أحق لأن غيرها يمكنه الإيجار أو الامتلاك. أما هؤلاء فيعجزون حتى عن الإيجار، وهم النطاق المعياري لنجاح الوزارة والصندوق وليس غير ذلك.