خصص قادة الدول الصناعية السبع الكبرى أمس الاثنين، قسماً كبيراً من مناقشاتهم في اليوم الثاني والأخير من القمة المنعقدة في قصر الماو في مقاطعة بافاريا جنوب ألمانيا، للبحث في حماية المناخ، ومكافحة الإرهاب في العالم، والمساعدة الإنمائية للدول النامية. وانضم إلى الاجتماع سبعة رؤساء دول وحكومات من الشرق الأوسط وأفريقيا إليهم بينهم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي سبق وانتقد «فشل استراتيجية الائتلاف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، ورئيس تونس الباجى قائد السبسي. وفيما ذكر موقع مجلة «دير شبيغل» الالكتروني أمس، أن شبح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قصر إلماو البافاري هيمن على أعمال القمة المستبعد عنها بسبب الأزمة الأوكرانية، وكذلك شبح رئيس الحكومة اليونانية ألكسيس تسيبراس خلال بحث الأزمة المالية المستعصية في بلاده، أُعلن في برلين أمس عن اجتماع وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله مع نظيره اليوناني غيانس فاروفاكيس من دون إعلان مسبق ومن دون الإدلاء بتصريحات عقب الاجتماع. وعُلم أن البيان الختامي الذي سيصدر عن القمة الاقتصادية الدولية سيتضمن الخطاب الحازم الذي تبناه المشاركون السبع يوم الأحد حيال بوتين، والاعلان عن إبقاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا وتمديدها إلى نهاية السنة الحالية. وقالت المستشارة الألمانية انغيلا مركل في مقابلة تلفزيونية مساء الأحد: «انطلقنا من مبدأ أننا سنوجه رسالة موحدة إلى روسيا تتضمن أن لا عودة إلى القمة الاقتصادية الدولية في الظرف الراهن». وإذا كانت ثمة وحدة في موقف القمة من روسيا فإن الفروق واضحة في كيفية التعامل مع الأزمة اليونانية بهدف حلّها. ومعروف أن الولايات المتحدة تنصح منذ فترة طويلة الحكومة الألمانية بالتخلي عن شرط التقشف المتشدد المطلوب من أثينا، واعتماد نهج دعم الاستثمار الداخلي لتحريك الاقتصاد، وهو موقف عدد غير قليل من دول منطقة اليورو أيضاً، لكن برلين ما زالت ترفضه. وعُلم أيضاً أن مركل اضطرت للدفاع بقوة عن موقفها المتشبث باعتماد سياسة التقشف وتنفيذ إصلاحات بنيوية في اليونان كمخرج لأزمتها المالية. إلى ذلك، ناقش قادة الدول السبع أمس ملف المناخ، اذ بحثوا فحوى الرسالة الواجب توجيهها قبل ستة أشهر من انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة حول التغيير المناخي في كانون الأول (ديسمبر) المقبل في باريس. ويبدي الأوروبيون، وفي طليعتهم مركل، عزمهم على الحصول من شركائهم على التزامات طموحة بخفض انبعاثات غازات الدفيئة، والحد من استخدام مصادر الطاقة الأحفورية، علماً أن اليابان وكندا أبديتا بعض التحفظات خلال بحث الموضوع. وذكرت مصادر قريبة من الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند انه ذكّر رئيس الوزراء الياباني شينزو أبي بأن «الكل ينتظر مساهمة من بلده في هذا الشأن». وقالت مركل للقناة التلفزيونية الثانية بعد انتهاء الجلسة الأولى مساء الأحد، إنه «لا أستطيع القول بأننا حللنا هذه الأزمة حتى الساعة، إنما قلنا بأننا نعمل بجهد وبعزم كبيرين على حلّها». واستعرضت مركل الجهود التي تبذلها مع الرئيس الفرنسي لحل مشكلة دفع الشريحة الثانية من القرض المخصص لليونان والبالغ 7.2 بليون يورو قبل نهاية الشهر الجاري، موعد انتهاء مهلة الاتفاق على تمديد المساعدات لها. وأبلغت المجتمعين أنها والرئيس أولاند ستلتقي رئيس الحكومة اليونانية تسيبراس يوم غد الأربعاء للخروج من عنق زجاجة الإصلاحات المطلوبة من حكومته. وعرض رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر على المجتمعين نتيجة محادثاته مع تسيبراس، مشيراً إلى «عدم ارتياحه» إلى مواقف الأخير الرافضة لعروض الهيئات الدائنة لبلده، مبرراً رفضه التحادث معه إثر ذلك على الهاتف. وعلى هامش القمة أعلن وزير التنمية الألماني غيرد موللر أن أمام قمة السبع «مسؤوليات كبيرة إزاء الدول النامية»، مشيراً إلى أن «الازدهار في الدول الصناعية يستند إلى ثروات هذه الدول الطبيعية». وأضاف في حديث تلفزيوني: «نحن العشرة في المئة من سكان العالم نملك 90 في المئة من الثروات ونستهلك 80 في المئة من النفط والمواد الخام الأخرى، لذا يتوجب علينا عقد شراكات جديدة، علينا تعلّم كيفية تقاسم الثروات من جديد في ما بيننا».