الكلمات هي زبدة اللغة. فالمتكلم يغرف من محصوله اللغوي، ما يعتقد أنه يعبر به عن مقصوده. الذي يدفع عامة الناس لمحبة شخص يحسن الكلام في مجالسهم، حتى يسمونه (كلمنجي)، هو قدرته على عرض قصصه بتشويق، واختيار أنسب الألفاظ لحياكة الجمل. عندما تستمع إلى بعض المقابلات التلفزيونية مع عينات عشوائية من الجمهور، تتسرب إليك الكآبة، ويجتاحك الملل، فقدرة الجيل الشاب على التعبير عن نفسه ضعيفة، وجملهم فقيرة. هذا يعني أن ضعف المخزون اللغوي لدى من تسيطر التأتأة على حديثه، ويتمكن التلكؤ من جمله، فبين كل جملة وأختها ثوان من الـ آآآ! تقول الدراسات إن معظم الناس يعرفون 50 ألف كلمة بشكل سهل، فيما حصيلة المتعلم 75 ألف كلمة، بينما لا تتجاوز كلمات غير المتعلم 35000 كلمة. ورغم المشتركات الإنسانية، إلا أني أحسب أن الدراسات الغربية لا يمكن انطباقها بحذافيرها على مجتمعاتنا، فقدم التعلم والتعليم في مجتمع عن الآخر يصنع فرقا، لكنها معلومة يمكن أن تسهم في صناعة تمييز. دراسة ثانية تقول إن الطالب العادي يتعلم 3000 كلمة في سنواته الدراسية الابتدائية، وأن متوسط كلمات خريج الثانوي 45 ألف كلمة. واللافت أن دراسات أخرى ترى أن النساء يتحدثن يوميا مستخدمات 30 ألف كلمة، بينما لا يستخدم الرجال أكثر من 15 ألف كلمة يوميا، ومن هنا جاءت فكرة النظر للنساء باعتبارهن مهذارات. وأعوذ بالله من هذا الزعم! كما أعوذ بالله مما زعمته الهيئة الطبية البريطانية من أن النساء بسبب كثرة حديثهن أكثر عرضة لمشاكل الفك بأربع مرات من الرجال، فهذا من المواقف العدائية ضد المرأة، وهو موقف عنصري منها، ونربأ بالأطباء، والهيئات، والبريطانيين أن يخوضوا في هذا الخوض، وأن يتمرغوا في هذا الوحل! الخلاصة أن من أراد زيادة مخزون كلماته، فلا وسيلة أنجح له من القراءة، إلا.. القراءة!