في آخر تقرير صدر عن القوات المسلحة الأمريكية بشأن حوادث التحرش الجنسي في قطاعاتها المختلفة، برزت نقطة أساسية كبرى تؤكد أن الضحية التي تتقدم بشكوى ضد المتحرشين بها جنسيًا تتزايد احتمالات الانتقام منها 12 ضعفًا عن غير المشتكين. وتتراوح حملات الانتقام بين الإهانات اللفظية إلى التهديد بالقتل. وقد تم استخلاص هذه النتائج عبر دراسة دقيقة اعتمدت على نواتج مقابلات شخصية شارك فيها 150 ضحية. وذكر 62% من المستجيبين للدراسة أنهم تعرضوا لعملية انتقامية من نوع أو آخر. أما الجناة الذين تحرشوا أولًا ثم انتقموا ثانيًا فنادرا ما يتعرضون لأي نوع من العقوبات. إنها عقدة تبدو مستعصية على الحل، إذ تدرك قيادات القوات المسلحة الأمريكية هذه الحقائق المرعبة، وأن الجناة يعلمون حدود القانون الذي يحتكمون إليه كما يجيدون فنون التخلص من الإقرار بالجريمة! هكذا هو حال الإنسان يزعم أنه قد ترقى في سلم الحضارة المادية المعاصرة لدرجة زعمه أنه يعلم ما لم يكن للسابق من أسلافه أن يعلم! هكذا يحتكم الإنسان إذا طغى إلى منطقه مهما بدا معوجًّا لدرجة أنه يلفظ تدريجيًا ما كان يعتبره خطًا أحمر قبل سنوات مضت فضلًا عن عقود خالية ذهبت بكل مبادئها وأخلاقياتها وضوابطها إلى غير رجعة. كانت مشاركة النساء في القوات المسلحة خطًا أحمر غير قابل للتجاوز، وكان الاعتراف بالمثلية الجنسية خطًا أحمر لا يستهان به، فضلًا عن إقرار الزواج بين المثليين واعتباره طبيعيًا جدًا مكافئًا للزواج المتعارف عليه منذ انطلاقة البشرية والمبني على الفطرة النقية التي فطر الله الناس عليها. انهارت كل هذه الخطوط تحت نزغ الشيطان وعبث أصحاب الأهواء الذين نصّبوا أنفسهم مشرّعين من دون الله في كل صغيرة وكبيرة حتى كان حصاد الهشيم المر الذي تتجرعه البشرية منذ أن بدأت مسيرة الانحراف الكبير نحو الهاوية من حيث تشعر أو لا تشعر. وفي بلاد العرب اليوم صيحات ليبرالية فجة تتمنى اللحاق بالغرب في كل شاردة وواردة. بداية هؤلاء منحنى أعوج بدايته وصم كل ما يمت للدين والشرع بالتخلف والرجعية بل والإرهاب والدموية، حتى لكأن كل ملتزم بدينه هو نسخة من خالد المولد. salem_sahab@hotmail.com