×
محافظة المنطقة الشرقية

محافظ الأحساء يلتقي مدير فرع الشؤون الإسلامية بالمنطقة

صورة الخبر

أسدل الستار على فعاليات الدورة ال 68 لمهرجان كان السينمائي الدولي، وكان فيها نصيب الأسد لفرنسا في حصد الجوائز الكبرى. من الفائزين الممثل الفرنسي المخضرم فانسان لاندون الذي نال جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم قانون السوق للمخرج ستيفان بريزيه، وهي المرة الأولى التي يحصل فيها فانسان على جائزة طوال مسيرته الفنية منذ 30 عاماً. يجسد فانسان شخصية تيري ( 51 عاماً) العاطل عن العمل منذ أكثر من عشرين شهراً، والذي يبحث بشيء من اليأس عن أية وظيفة فيمر من خيبة أمل إلى أخرى، إلى أن يقبل في نهاية المطاف بوظيفة حارس أمن في سوبر ماركت، فيكون مسؤولاً عن مراقبة العملاء والموظفين، من خلال الكاميرات التي تلتقط باستمرار كل حركة. ويكتشف تيري القسوة التي يعامل بها البعض، كالرجل المتقاعد الذي يوضع في قسم الشرطة لمجرد نسيانه دفع ثمن قطعة لحم، وعاملة الصندوق التي تطرد بقسوة لمجرد أنها تجاهلت إتلاف كوبونات الشراء. لكن الفيلم لا يتوقف عند هذه الحالات لأن مثل هكذا أمور في الحياة لا نهاية لها، لذلك نرى أن المخرج المتمكن ستيفان بريزيه يخترع في كل مشهد نوعاً من التعاطف والطاقة التي ربما تلتبس حيثياتها على المشاهد، في حين يعطي الممثل المحترف لاندون الحقيقة بعداً مثيراً وبالغ الدقة. إذا كان بريزيه لم يكشف كل أسرار قانون السوق من خلال تصويره للفيلم كوثائقي لا كفيلم درامي، فإن فانسان لاندون قدّم المفاتيح الحقيقية لدور فريد من نوعه. وعن هذه التجربة الجديدة كان لمجلة لو نوفيل أوبسرفاتور الفرنسية مقابلة مع النجم إثر نيله الجائزة، وهذا بعض ما جاء فيها.. } بعد مرور أربع سنوات على فيلم الأب للمخرج آلان كافليه، ها أنت تدخل مرة أخرى في المنافسة في مهرجان كان، لكن لتفوز فهل أنت سعيد؟ - نعم، أشعر بسعادة غامرة للفيلم وللمخرج ولكل الذين عملوا في هذا الفيلم. وأنا أتذكر كلمات كبار السن الذين كانوا يقولون لي إنه لا بد من الاستمتاع بالحياة، وهذا ما لم أكن حينها أفهمه جيداً، إنما هذا ما أشعر به اليوم. وكل ما حدث وسيحدث خلال هذه الفترة، لن يسرقه مني أحد. ففيلم مثل قانون السوق، نود لو يراه أكبر عدد ممكن من الناس، ومن أجل ذلك لا يوجد شيء أفضل من كان. } هو فيلمك الثالث مع ستيفان بريزيه، فكيف رأى النور؟ - بيني وستيفان علاقة مودة كبيرة، لا علاقة لها بالمهنة، فهو كثيراً ما يكلمني عن رغبته في رؤية سينما مختلفة. ذات يوم تسلمت منه سيناريو فيلم مرفق بقرص ( دي في دي ) يحوي ريبورتاجاً أنجزه المخرج بنفسه. وفي هذا الاستطلاع شيء ما لفت نظري لبرهة ولا يمكنني وصفه اليوم، باختصار شاهدت عاملاً في محل كبير وقلت في نفسي أريد أن أجسد هذا الشخص على الشاشة. اتصلت بستيفان وحدثته عن الأمر وبعد صمت طويل قال لي: أنت تمزح بالتأكيد.. أنا أبحث منذ سنوات عن أحد يجسد هذه الشخصية، وكنت أستمع بلا كلل لشخص عبر الإذاعة لديه نفس المواصفات وهو رجل يواجه خياراً حاسماً، هل يجب عليه الخضوع أم لا لأمور تقف ضد أخلاقياته؟ وأخيراً وجد الرجل الجواب. وأمام هذا العرض فكّرت في فيلم المخرج كينغ فيدور الثائر مع غاري كوبر، الذي يستحوذ على عقلي. والحقيقة أن ستيفان كان قد كتب ثلاث صفحات، وكان من الواضح أن هذا الموضوع يستحوذ على تفكيره، لذا ذهبنا إلى المنتج كريستوف روسينيون، وقررنا إنتاج الفيلم نحن الثلاثة، دون أن نتقاضى أي راتب ولكننا ندفع لسائر المشاركين بشكل طبيعي. والحقيقة أنه كانت لدينا رغبة جنونية في إخراج المشروع إلى النور لأن فكرة الفيلم هي الوحيدة التي جمعتنا نحن الثلاثة. } كيف اقتربت من شخصية تيري؟ - اقتنعت دائماً بأن الأدوار الكبيرة في السينما، تأتي أولاً عن طريق الاقتناع بالشخصية لا بوظيفتها أياً كانت. وأنا في الواقع لم أقرأ الملايين من الكتب، و قليلاً ما أسافر، لكنني أقضي وقتي في المشاهدة والتأمل وكل ما أراه يفيدني. والشخصية قد تظهر من خلال لفتة وإذا كان عليّ لعب دور الرجل الذي يستخدم جهاز اتصال لاسلكي، فأنا أعلم حركات ولفتات الناس الذين اعتادوا على استخدام هذا النوع من الأجهزة، وهم ليسوا من أولئك الذين نقابلهم كل يوم. بالنسبة لي لم يسبق أن اشتغلت على شخصية مثلما اشتغلت على هذا الدور، ولقد سألت نفسي جميع الأسئلة التي يمكن أن تتخيلها حول هذا الرجل: كيف يمشي، وهل لديه كرش بسيط، أو هل هو صاحب عضلات مفتولة، وهل يضع حزاماً أم لا، لديه وشم ربما على إحدى ذراعيه، وهل يلبس تي شيرت تحت القميص أم لا، وهل يتحدث بهدوء، وكذلك هل يدخن..؟ أما بالنسبة للشارب، فهو موجود لدي بالأصل، وهنا تبلورت صورة البطل في رأسي وقررت مع المخرج أن نبقي عليها كما امتنعت عن قول بعض الكلمات والتعبيرات حتى أتعود على طريقته في لفظ بعضها، لأن تييري مثلاً لا يقول صباح الخير، سيدي المدير بل يكتفي بقول صباحو أي أنه يزيل كلمة الخير، وعندما يمد يده تكون ذراعه نصف ممدودة، كما لو أنه يخشى أن يأخذ الكثير من الوقت ويشغل المزيد من المكان. على أية حال، تييري ليس ذلك الشخص الذي يتقن السيلفي. } أنت تشاهد الكثير من الأفلام، فهل تشعر أنها تخدمك أيضاً؟ - منذ العام 2004، وأنا أقضي وقتي في مشاهدة الأفلام. ومنذ أن اكتشفت اضطراب في الجنة للمخرج إرنست لوبيتش بدأت أتوقف عند أشياء لكبار الممثلين أمثال، جيمس كاغني وجون غابان، وإيرول فلين... كثير من خصوصيات التمثيل لم أدركها إلا بعد الاحتراف. على سبيل المثال، استوقفتني جملة لجون غابان في فيلم رصيف السحب، ففي مشهد البداية، الرجل الذي كان يتعارك معه، قدم له سيجارة، ثم عرض عليه الاحتفاظ ببقية العلبة. فقال له غابان لا يمكنني القبول، فيرد عليه الرجل: لا بأس لدي واحدة أخرى! يجيبه غابان: إن كان الأمر كذلك فلا بأس. فكرت بهذا الرد، وقد ساعدني. } هل حدث أن فاجأك المخرج أثناء التصوير؟ - في أحد المشاهد سمعته يقول: ضع جهاز اللاسلكي واخرج، وهذا لم يكن وارداً في النص الأصلي، وهنا يجب أن يحدث كل شيء في برهة من الزمن لأن تييري (البطل) لا يعرف قراره قبل اتخاذه ثم يتخذه فجأة وفي لحظة. بالطبع يتدخل هنا عامل الخبرة وسرعة البديهة بمعنى أن الخروج من حجرة المراقبة يجب أن يتم دون كسر محور الكاميرا فالمشي أمر سهل، ولكن يجب أن أعلم أن الكاميرا تتابعني. وعملية فتح الباب، أمر يمكن لأي شخص أن يفعله إنما يجب أن ينتبه ألا يغلقه أمام الكاميرا، وهكذا.. الحقيقة أن البعض يتحدث عن الارتجال، ولكن الأمر ليس بهذه السهولة لأنه عليك تمثيله، فالكاميرا تولّد لدى الممثل ما يمكن اعتباره انفصاماً في الشخصية، فأنا تييري، وأنا الذي أجسد تييري، وأنا الذي يرى تييري، وأنا تييري الذي يسأل من هو هذا الرجل الذي يجسّد شخصيته!. } تييري هو المسؤول عن تحديد عمليات السرقة عبر كاميرات المراقبة ومساءلة الناس. ما هو النهج الذي اتبعته في تصوير هذه المشاهد؟ - قمت بإجراء تحقيق فعلي بمشاركة حراس حقيقيين يعملون بهذه الوظيفة، ولهم دور أيضاً في الفيلم! ووجدت أن الأشخاص الذين يتم توقيفهم يكونون في حالة صدمة، ولا يلاحظون أي شيء، ولا شك أن شاربي وشعري الطويل قللا من احتمالية عدم التعرف إليّ. لقد طلبنا من البعض، إعادة لعب المشهد، ولكن بتصويره، مع العلم أن المشاهد لا تتطلب في كثير من الأحيان أن تعاد مرات عدة كي يتم التأكد منها. } غالباً ما تقول إنك تبحث عن الإقناع، فبماذا كنت تريد إقناع الناس في هذا الفيلم؟ - الإقناع والدعوة إلى الوحدة، لأنني أحب الناس الذين يغيرون آراءهم، وأحب أن يحدث لي ذلك. هذا الفيلم يعبّر عن طريقتي في ممارسة السياسة. وكان من الممكن أن أمارس مهنةً أخرى كي أتمكن من مساعدة الناس. لكنني آمل أن تترك الأفلام السينمائية التي أقدمها أثراً في عقل الجمهور، وإلا فلن أكون سوى رجل بسيط. أريد من الناس أن يتساءلوا عن سلوكهم في عالم اليوم، أكثر مما يفعلونه في بعض الظروف وأن يقرروا تغييره. فإذا كان أحد الجيران القاطن في الطابق العلوي يحدث جلبة أو يتحدث بصوت عالٍ فينبغي ألا نرفع أصواتنا فوق صوته وألا نتخلى في نفس الوقت عن الشكوى منه، ومن هنا يبدأ الحل! والمشكلة أن الإجابات السياسية تبقى فرديةً وليست جماعيةً دائماً، وأنا على قناعة تامة أنه لو حدث رد جماعي لحدث التغيير، والسينما في هذا الصدد تحدِث الفرق لكن المتفرج لا يلحظ ذلك بالضرورة. لقد شاهدت فيلم الفك المفترس في سن ال 18، ولم أتأثر به كثيراً لكنني مع ذلك بت أخشى السباحة ليلاً. ومن هنا أقول بأنه لو استطاع فيلم قانون السوق أن يترك أثراً قوياً وحاسماً في ذهن المشاهدين كما ترك لدي فيلم سبيلبرغ ذلك الأثر، أكون قد حققت هدفي.