يراها البعض مستفزة، ويعتبرها البعض الآخر جرس إنذار له صوت مرتفع ينبه من يريد البحث عن الحقيقة، أما هي فلا يعنيها سوى تحقيق هدفها وتقديم المعرفة للمشاهد الذي تثق في ذكائه. ورغم أن أسلوبها الإعلامي سبب لها الكثير من المشكلات والانتقادات الحادة، إلا أنها تفضل ألا تضيع وقتها في الرد. إنها المذيعة المصرية أماني الخياط التي اعترفت بأنها دائماً تضر نفسها ولا تنتمي لإعلام الشهرة، كما لا يوجد إعلام محايد في حوار معها لا تنقصه الصراحة، وهنا تفاصيله. } البعض يعتبرك مذيعة مستفزة، فما رأيك؟ - الواقع العربي منذ أربع سنوات يعيش لحظة يقوم من خلالها بعملية فرز، والمشاهد العربي أيضاً وليس فقط المصري يميل لما يعجبه ويرضي أفكاره وتوجهاته، وما لا يرضيه يتجنبه ولا يحبه، وطوال مشواري الإعلامي لم أكن يوماً مهادنة أي لا أفضل فكرة الهدنة، لكنني أحب الاشتباك وأصدم عقل متابعي بعدة أمور منها: أسلوب القص واللزق لعدد من الصور حتى يتمكن المشاهد من رؤية حقيقة ما كاملة نسبياً، أفضل أيضاً أن أفرض على عقله أسئلة كثيرة تحتاج منه مجهوداً في التفكير والوصول للمعلومة الحقيقية فأدخل معه في جدال وأبني حالة من الصدام كأننا نتناقش بصوت مرتفع، أنا أطلب منه التفكير وهو يرد اتبعي أسلوب باقي الإعلاميين وأذكري لنا النتيجة من دون مجهود، أحب هذه الطريقة لذلك يعتبرني البعض مستفزة وحتى ولو كنت كذلك، فأنا مستفزة إيجابياً لأنني لا أميل لخلق صراع أصنع منه نجومية أو شهرة، بل أريد تقديم المعرفة. } لكن الصدام يتعدى المشاهد ويصل لصاحب القناة أو رأس المال؟ - أي شخصية جادة لا بد أن تختلف، لأن الواقع العربي لا توجد به حالة مستقرة وأنا أؤمن بأن الدهشة تصنع المعرفة، لا بد أن أدهش عقلك حتى تفكري، عندها تبذلين مجهوداً حتى تعلني انحيازاً، لذلك أحسب نفسي على إعلام المعرفة لا الشهرة، وهذا ما يجعلني لا أتعجل أن أصبح نجمة يشير الناس في الشارع إليها، لكنني على يقين أنه سيأتي يوم يقول فيه كثير من الأشخاص نحن تعلمنا من هذه المذيعة عدة أمور، صدمتنا واكتشفنا بعدها مصداقيتها، لذلك لا أستفز ولا أميل للرد عندما ينتقدني أحد بشدة أو يعبر عني بلغة سيئة، لا أفضل الدخول في جدال عقيم، فالمنهج الذي أعمل به أنا أختاره، أما صاحب النقد فرد فعل لهذا المنهج القائم على الدهشة التي تعني الاختلاف حتى يصل الجمهور للمعرفة واتخاذ القرار، لو كنا في حالة توافق تام ولا يوجد بيننا اختلافات سنكون في وضعية السكون التي لا يمكن أن تصل بنا للحركة التي تقودنا للحقيقة. } لكن هذا الأسلوب سبب لك الكثير من الضرر والمشكلات؟ - طوال الوقت أضر نفسي، وما لا يعرفه عني الجمهور أنني ابنة التلفزيون المصري وكان لدي إنجاز مهم فيه حيث كنت أول بنت مصرية تعمل في الأراضي الفلسطينية، وعملت في مراحل النزاع والحروب وفي هذا الوقت كنت معنية بتقديم مساحات لم يرها المشاهد، ودفعت ثمن هذا الأمر وتركت قناة النيل للأخبار وتوجهت إلى قطاع الأخبار، وهناك لم أقبل بالكثير من الأمور فدفعت الثمن مرة أخرى، وتوجهت إلى أون تي في وقدمت برنامج من الناس ولم يتم احتماله وأيضاً استمرت رحلة التنقل والترك، وأي إعلامي جاد من صحافة مرئية أو مسموعة أو مقروءة إذا لم يتمكن من تقديم المعرفة لن يحفر أو يقدم شيئاً جاداً. } هل تتفقين مع الرأي الذي يؤكد أن الإعلام الحديث والقنوات التي تمتلك أجندات خاصة زادت من أزمات الوطن العربي؟ - لا يوجد شيء اسمه قنوات صاحبة أجندات لأن في كل وسائل الإعلام لا يوجد أحد محايد لكن يوجد مهني، وكل محطة وفقاً لمصادر تمويلها تخدم توجهاً معيناً، والأمثلة كثيرة تبدأ من قنوات فوكس وتنتهي عند بي بي سي، وأتوجه برسالة مهمة للمشاهد أنه عندما تستمع لمحطة فرانس فانت كاتر أرجو أن تفكر فيما يذاع وسوف تكتشف ما هو التوجه الذي تروج له وهذا حقها، في مرحلة التحول التي يمر بها العالم العربي وجدت وسائل الإعلام نفسها أهم من منظومة الصواريخ لأنها لا تنتمي لجيوش واقعية، ووجد الإعلام أن من يريد كسر الدولة من الخارج يعتمد عليه، وجد نفسه في مواجهة مع إعلام المحسوبيات، لماذا ننسى أننا دربنا وجدان المتلقي على قنوات كانت تشحن بطاقات سلبية وغضب ولغة خارج منظومة المهنية؟ الإعلام المصري يعيش لحظة ارتباك وفرز ويحتاج إلى مراجعة حقيقية جريئة، وعلى المتلقي وحده أن يختار بالريموت كنترول لأننا لسنا أوصياء عليه خاصة في ظل تعدد وسائل المعرفة، وهذا المواطن العربي يستحق أن يتحمل مسؤولية اختياره. } أين اختفى ميثاق الشرف الصحفي والإعلامي؟ - لم يعد له وجود لأسباب كثيرة حيث كل أنواع المواثيق كانت تخدم أفراداً أو أنظمة معينة، وبالتالي كانت جزءاً من مشهد سياسي، لكن الآن الشعوب تفرض ميثاقها على الجميع، على سبيل المثال لا الحصر عندما اتخذت بعض الوسائل الإعلامية المصرية من قضية غلاء الأسعار محوراً لعدد من الحلقات تعجب المشاهد رافضاً هذا الأمر وهو المواطن المتضرر نفسه، لأننا بلد في حالة حرب، واعتبر هذه القضية ليست ضمن الأولويات، السؤال هنا: هل هناك ميثاق شرف يكتب الآن؟ والإجابة أن اللحظة لم تأت بعد لكتابته لأننا لم نستكمل هيئتنا الدستورية، ولأن الفرز الخاص باحتياجات الشعب لم ينته. } من يستفزك في الإعلام؟ - أحب الصحافة اللبنانية بتنوعها المميز وأفهمها جيداً وأعي مضمونها، وما يبدو غريباً أنني أتابع جزءاً من الصحافة السعودية التي تصدر في لندن، وهذا بالنسبة لي مفتاح لفهم العديد من الأمور في الإقليم، أما الوجوه الإعلامية فأحب طريقة زينة اليازجي في السؤال الهادئ وإبراهيم عيسى أحياناً، ومن خلال هذا السؤال أوجه رسالة للمشاهد العربي أنه عندما يشاهد الإعلام الغربي أو مذيعاً قوياً مثل روبرت فيسك أوتوماس فريدمان، عليه أن يشغل كل حواسه ولا يتلقى بشكل سلبي، ولا يعتمد على أن كل ما يسمعه مهم أو إيجابي، فهم من لغة وثقافة مختلفة عنا يجب ألا ننظر إليهم باعتبارهم مصدر ثقة.