تبدي الأقمار التي تدور حول الكوكب القزم بلوتو بعض الحركات التي تبدو عشوائية، شبّهها فريق علمي عكف على مراقبة الكوكب وأقماره بواسطة التلسكوب هابل، بأنها تصرفات مراهقين. في الوقت نفسه، بدأ مصادم الهدرونات الكبير في مركز بحوث الفيزياء بالمنظمة الأوروبية للأبحاث النووية سيرن، أمس الأول، إحداث تصادم بين الجسيمات بسرعة تكاد تماثل سرعة الضوء لاستخلاص معلومات لأول مرة منذ أكثر من عامين يتعشم العلماء في أن تسهم في فك لغز المادة المعتمة. وفيما يخص بلوتو، رصد التلسكوب الفضائي هابل 4 أقمار صغيرة لهذا الكوكب القزم في السنوات العشر الأخيرة، أطلقت عليها أسماء ستيكس، ونيكس، وكيربيروس، وهيدرا. وهذه الأقمار لا تدور حول بلوتو وحده، بل إنه وقمره الأكبر شارون يشكلان ثنائياً يدور حول نقطة مركز مشترك، وتدور الأقمار الأربعة حولهما. ودرس العلماء الصور الملتقطة بواسطة التلسكوب، وحللوا قوة الضوء المنعكس من سطحها، وتوصلوا إلى أن نيكس وهيدرا لديهما سطح مشع مثل شارون، أما كيربيروس، فهو قاتم، الأمر الذي يطرح تساؤلات عن الطريقة التي تشكل فيها نظام الأقمار هذا حول بلوتو، وفق ما جاء في دراسة نشرت أمس، في مجلة نيتشر. وتشير الدراسة أيضاً إلى أن مدارات الأقمار الثلاثة: ستيكس ونيكس وهيدرا، متعلقة ببعضها بعضاً، وتبدو أحياناً منسجمة ومنتظمة بشكل مذهل، ثم تبدي بعض الفوضى والاضطراب، كأنهامراهقون عنيدون يرفضون الانصياع للأوامر، بحسب تعبير دوغلاس هامليتون الباحث في جامعة ماريلند وأحد معدي الدراسة.وقال مارك شوالتر، أحد المشاركين في الدراسة: كان الرأي السائد أن الأقمار تشكلت من سحب من الركام تكونت بعد اصطدام نيزك بسطح بلوتو، بناء على ذلك كنا نتوقع أن تكون الأقمار متشابهة، لذا فإننا اليوم بتنا على قناعة مختلفة. أما مصادم الهدرونات، فيحدث تصادماً بين حزمتي جسيمات من البروتونات تسيران في اتجاهين متقابلين وفي مسار بيضاوي داخل نفق طول محيطه 27 كيلومتراً بسرعة 13 تريليون إلكترون فولت، أي تكاد تكون ضعف الطاقة المستخدمة خلال مرحلة تمهيدية مدتها ثلاث سنوات بدأت عام 2010.وهذه المرحلة برهنت على وجود جسيم بوزون هيجز الغامض وهو الاكتشاف الذي نال عنه عالمان جائزة نوبل عام 2013. ولا يدري أحد ما سيكشف عنه مصادم الهدرونات في مرحلة تشغيله الحالية من التصادمات التي تجري بوصفها نسخة مصغرة لمحاكاة الظروف التي أعقبت الانفجار العظيم الذي نشأ عنه الكون في قديم الأزل قبل 13.8 مليار عام، بيد أن العلماء يأملون أن تخرج بأدلة لإرساء أسس علم جديد هو الفيزياء الحديثة.ويتناول هذا العلم عدة مفاهيم منها المادة المعتمة الغامضة التي يعتقد انها تمثل 96% من مادة الكون وهو تعبير أطلق على مادة افتراضية لا يمكن قياسها إلا من خلال تأثيرات الجاذبية الخاصة بها والتي من دونها لا تستقيم حسابياً العديد من نماذج تفسير الانفجار العظيم وحركة المجرات. ويأمل علماء سيرن أنه إذا كان هناك جسيم غير موجود ضمن المعلومات الحالية عن اللبنات الأساسية لبناء الكون فقد يتسنى رصده الآن مثلما حدث مع جسيم بوزون هيجز.