بعد حكايات الصين واليابان سأجلب لكم اليوم حكاية من الداخل. من قطاعٍ حيوي له علاقة بشكلٍ أو بآخر مع كل مواطن ومقيم. إنها إدارات الجوازات، بعدما أثنينا في أكثر من مناسبة على تطوير وتبسيط إجراءاتها ننقد اليوم إجراءات ما وراء الجدران. مواقع لا يُسمح للرجال بدخولها أو معرفة ما يدور بها. إنها الأقسام النسائيّة. طيب ما دامت مخفيّة عنّ الرجال فكيف عرفت عنها أيها الكاتب؟ أقول: هاتفتني سيدة من معارفي تروي قصتها مع تجديد جواز سفرها فقالت: لا أعرف من أين أبدأ لكنني عرفت بأن أمري انتهى من حيث بدأ دون أي إنجاز. لقد صدّقت كلامكم عن الحكومة الاليكترونية وعن سهولة الحصول على خدمة الجوازات من خلال موقعهم ومن خلال نظام (أبشر) ولكن كل ذلك لم أقبض منه غير السراب. دخلت على موقع الجوازات في الشبكة العنكبوتية وأدخلت البيانات المطلوبة لتجديد جواز السفر وسددت الرسوم من خلال النت أيضا ففوجئت بأنه لابد من حضوري شخصياً لمبنى جوازات الرياض. رغم انشغالي بعملي في الجامعة إلاّ أنني أصررت على أن أمشي معهم لآخر المشوار والذي عرفت لاحقاً بأن لانهاية له لكل إمرأة مُحاصرة بمجتمع ذكوري بامتياز. وصلت إلى هناك وتوجهت مباشرة للقسم النسائي. لن أتحدث عن فجيعتي بقذارة المكان فهذه حكاية أُخرى إنما الأمر الصادم هو موظفة الجوازات التي استغربتْ حضوري بنفسي لتجديد جواز سفري. أول سؤال واجهتني به كان "أين ولي أمرك"؟ صدمني هذا السؤال حيث إن الوثيقة التي أتيت من أجلها تخصني أنا وليس ولي أمري ثم إنني لن أستطيع السفر إلاّ بتصريح منه لهذا لا قيمة لهذه الوثيقة دون تصريح. فقالت تجديد جوازات السفر في القسم الرجالي وليس هُنا ولا بد من حضور ولي أمرك..! جواز سفر امرأة يُجدد في القسم الرجالي رغم وجود قسم نسائي..! عجيب. طيب أنتن كموظفات ما هو دوركن هُنا؟ نحن هنا لكي ننهي كل ما يتعلّق بأمور الوافدات من النساء وليس السعوديات.!! يا إلهي معقولة..! في جميع دول العالم هناك مسارات مخصصة لأهل البلد وهذا من أبسط حقوقهم في وطنهم إلاّ هنا أليس هذا غريباً حقاً؟ تُنهي السيدة حديثها بالقول خفت أن يدعي عليهم ولي أمري (والدي) التسعينيّ الذي يتحرّك بصعوبة وفي حالات ضرورية بل ضرورية جداً. يقول كاتب هذه السطور لمثل هذه القصص يجب أن يكون لمجلس الشورى كلمة لعلها تدفع عنهم وعنّا البلاء.