القاهرة: محمد حسن شعبان تجاوزت لجنة تعديل الدستور المصري المعطل (لجنة الخمسين) أحد أبرز الخلافات التي تواجهها بالتوافق المبدئي على ما بات يعرف بـ«مواد الهوية»، والخاصة بتعريف «مبادئ الشريعة»، ولا تزال مواد تتعلق بالجيش تمثل تحديا أمام اللجنة التي تسابق الزمن لتنتهي من أعمالها مطلع الشهر المقبل، في وقت لوحت فيه قوى ثورية شبابية بالحشد لإسقاط الدستور المعدل؛ إذا لم يلب مطالب الثورة المصرية. وتواجه اللجنة، التي شكلها الرئيس المؤقت عدلي منصور لتعديل دستور 2012 المثير للجدل، انتقادات بشأن إصرارها على إبقاء جلساتها سرية، ورفضها حضور الأعضاء الاحتياطيين الجلسات السرية، مما دفعهم للإعلان عن اجتماع اليوم (الأربعاء) لبحث خطوات التصعيد، رغم الأجواء الإيجابية التي رافقت التوافق بشأن المادة 219 المفسرة لمبادئ الشريعة. ونصت المادة 219 في الدستور المعطل على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة، في مذاهب أهل السنة والجماعة». وكانت المادة 219 سببا رئيسا في انسحاب ممثلي الكنائس المصرية والقوى الليبرالية من الجمعية التأسيسية التي وضعت الدستور المعطل وهيمن عليها الإسلاميون العام الماضي. ولا يزال حزب النور السلفي، المتمسك بالمادة المفسرة للشريعة، وممثلو الأزهر في اللجنة ينفون التوصل لصيغة نهائية، لكن جلال المرة، الأمين العام لحزب النور، أبدى تفاؤله أمس لـ«الشرق الأوسط» قائلا إن «الحوارات مستمرة والأجواء إيجابية وأعضاء اللجنة يبدون انفتاحا على كل الأفكار». وقالت مصادر في اللجنة إن الصيغة الجديدة المطروحة للمادة المفسرة لمبادئ الشرعية تنص على أنها: «الأحكام قطعية الثبوت والدلالة، والأحكام المجمع عليها مع التزام المشرع في الأحكام الاجتهادية بالضوابط التي تحافظ على مقاصد الشريعة». وأشار المرة إلى أن المواد الخلافية «لن تقف حجر عثرة» في طريق التوصل لتوافق داخل اللجنة، بما في ذلك المواد المتعلقة بالجيش. وتواصل لجنة مصغرة تضم ممثلي الجيش في لجنة تعديل الدستور اجتماعاتها للخروج بتوافق ينهي الجدل الذي ترافق مع إصرار ممثلي الجيش على منح قادة الجيش الحق في تسمية وزير الدفاع لمرحلة انتقالية، اقترح أن تكون لثلاث فترات رئاسية (الفترة الرئاسية أربع سنوات). ورغم ممانعة أعضاء باللجنة على وضع مادة تمنح قادة الجيش حق اختيار وزير الدفاع، تبدو إمكانية التوافق على هذه المادة «ممكنة»، بحسب مصادر داخل اللجنة، والتي أوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن الاعتراضات الأقوى تواجه المادة المتعلقة بالمحاكمات العسكرية للمدنيين. وسيكون على لجنة الخمسين الانتهاء من أعمالها قبل يوم 3 ديسمبر (كانون الأول) القادم، وهو الموعد المقرر لها في الإعلان الدستوري الصادر في 8 يوليو (تموز) الماضي. وقال زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء، وزير التعاون الدولي، خلال مؤتمر صحافي نظمته غرفة التجارة الأميركية مساء أول من أمس إن «خارطة الطريق تسير بشكل جيد، حيث جرى الانتهاء من بنود كثيرة متعلقة بالدستور الجديد وبدأت مرحلة النقاش، ومن المنتظر أن تنتهي خلال أسبوع، على أن يبدأ الاستفتاء خلال ديسمبر، ثم تبدأ انتخابات مجلس الشعب، وبذلك تكون مرحلة كبيرة من خارطة الطريق قد انتهت». ورفضت لجنة تعديل الدستور مقترحا لإنهاء أزمة الأعضاء الاحتياطيين باللجنة الممنوعين من حضور الجلسات السرية، وهو ما دفع الأعضاء الاحتياطيين للدعوة إلى اجتماع اليوم، لبحث الخطوات التصعيدية. ويثير إصرار الأعضاء الأصليين إبقاء الجلسات سرية غضبا في الأوساط السياسية وبين الأعضاء الاحتياطيين، وشكوكا بشأن طبيعة النقاشات الدائرة داخل اللجنة، التي تناقش أيضا مواد شائكة على رأسها حظر تأسيس الأحزاب على أساس ديني، ووضع الغرفة الثانية في البرلمان، وتحديد نسبة لمشاركة المرأة في المجلس التشريعي. ولوحت قوى ثورية شبابية بإمكانية الحشد لإسقاط الدستور الجديد؛ إذا لم تلتزم لجنة الخمسين بتحقيق مطالب الثورة المصرية. وحذر حسام مؤنس، المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي، أعضاء اللجنة من محاولة إرضاء أي طرف أو مؤسسة على حساب طموحات الملايين الذين تدفقوا إلى الميادين في ثورة 30 يونيو (حزيران) الماضي. وفي غضون ذلك، قال حجاج آدول، ممثل النوبة في لجنة الخمسين، إن اللجنة وافقت أمس على توطين أهالي النوبة وعودتهم إلى قراهم، مضيفا أن أعضاء اللجنة صوتوا بالموافقة على إقرار مادة بالدستور لإلزام الدولة بإعادة أهالي النوبة إلى قراهم، لافتا إلى أنه جرى إقرار مادة جديدة لتوطين النوبيين، في باب الأحكام الانتقالية بالدستور، وذلك لمدة عشر سنوات.