يختلف علماء الاقتصاد بين ليبراليين منتمين لفكرة Adam Smith في كتابه The Wealth of Nations ومعارضين له. ففي الفكر الليبرالي على الدولة أن لا تدخل في عمل السوق الحر، وأن تدع اليد الخفية The Invisible Hand تعمل لكي يغتني الجميع، أمّا المتحفظون فيرون أن على الدولة التدخل بحذر في آليات السوق. يرى آدم سميث أن على الدولة التدخل فقط عندما يكون العائد المجتمعي للاستثمار أكبر من العائد الخاص؛ لأن السوق الحرة في هذه الأحيان لا تستثمر، وهذا مضرٌّ للمجتمع، فعلى سبيل المثال على الدولة أن تساعد على تنظيف التلوث والإعانة على الأبحاث التي لا يجد القطاع الخاص فيها عائدًا مجديًا للاستثمار. ولكن هذه الاستثمارات لا تفسّر إلاّ ربع ما تستثمره الدولة في الأبحاث والتقنية في الولايات المتحدة الأمريكية. فوضع إنسان على سطح القمر، أو خلق الرؤية وراء الإنترنت كانت تحتاج الى أكثر من حساب العائد المجتمعي ضد الخاص والاستثمار إذا فاق الأول الثاني كما تقول Mariana Mazzucato في كتابها: The Entrepreneurial State، وترجّح أن على الدولة أن تستثمر حيث المخاطرة كبيرة للقطاع الخاص. وهذا رأي، على عكس ما يدّعيه الليبراليون، لن يؤدّي الى رفع الفائدة البنكية في القطاع، وإخراج استثمارات القطاع الخاص منه (Crowding Out) برأي الكاتبة؛ بل سيسبب في انجذاب القطاع الخاص، إذ إن القطاع الخاص لا يتحرّك فقط بناءً على وجود ضرائب أقل أو فائدة بنكية أقل، بل ينجذب إلى حيث العوائد أكبر. وهذا يحدث إذا استثمرت الدولة أولاً في البنية الأولية للقطاع، واختبرت مخاطره مجتازة إيّاها إلى مرحلة الربح وتأكيد العوائد. هناك اليوم مَن يؤيّد الاستثمار في The Green Revolution. وهذا الاستثمار فيه مجازفة، ويحتاج إلى «طولة بال»، واستثمار طويل الأمد، يسهل على الدولة، ويتعذّر على القطاع الخاص. وأنا بدوري أنوّه الى خطورة الوقوع في شراك النظريات الكبرى في علم الاجتماع، كنظرية آدم سميث، إذ يصعب إيجاد حل يمكن تطبيقه في جميع الحالات، إذ إن الأمور يختلف بعضها عن بعض، وكذلك الدواء المجتمعي.