×
محافظة مكة المكرمة

وفاة (7) أشخاص في حادث بطريق رنية بيشة

صورة الخبر

في سبعينات القرن الماضي تلفظت الفنانة فاتن حمامة بعبارة "يا ابن الكلب" ضمن الحوار في فيلمها الشهير "الخيط الرفيع"، فقامت الدنيا بصورها الاجتماعية والفنية والتربوية يومها ولم تقعد إلا بعد نقاشات طويلة وحوارات معمقة وقرارات اتخذتها أجهزة الرقابة آنذاك حتى لا تتسرب مثل هذه العبارة لاحقا الى أسماع الأطفال تحديدا وخصوصا عند عرض الأفلام السينمائية في التلفزيون. كانت المعايير الرقابية التي تتحكم في الأعمال الفنية آنذاك على الصعيد التربوي والأخلاق صارمة الى الدرجة التي كانت تثير السخرية أحيانا، وخصوصا لجهة التناقض الذي تراه بعض المجتمعات العربية الأكثر محافظة ما بين الصوت والصورة، أو ما بين الحوار المؤدب جدا، والأزياء السبعينية الساخنة جدا.. بالنسبة لمعايير تلك المجتمعات والتي لم تكن قد انفتحت دراميا الا على التجربة المصرية وحدها تقريبا. فكان المشاهدون الخليجيون مثلا يستغربون كيف يمكن أن تقف عبارة الشتيمة مثل عبارة فاتن حمامة تلك عندما عرض الفيلم في التلفزيون لاحقا عند كلمة "ابن" ولا تتعداها الى ما ورائها من كلمة متوقعة رغم أن تلك الكلمة في سياق تلك العبارة مألوفة الى حد كبير في الشارع العربي.. ومع هذا نرى أن الممثلات في ذلك الفيلم أو غيره وهن يتبخترن بما قل ودل من الملابس الرائجة وفقا لموضة السبيعينات حيث كان "الميني جوب" أو التنورة القصيرة جدا الى ما فوق الركبة بكثير هي سيدة الموقف. وما ينطبق على الأزياء ومقارنتها بالحوارات في الأعمال الفنية العربية المعروضة خليجيا كان ينطبق أيضا على ما يسمى بمشاهد الإغراء والقبلات وغيرها.. بنسب متفاوتة من الاستغراب والاستهجان. والجميل أن هذا التناقض الشكلاني الذي كان يترصده المجتمع الخليجي آنذاك سرعان ما تم تفهمه وربما تقبله أيضا محليا، في إطار الفرز الثقافي ما بين السلوك المشين كمتفق عليه، وبين الشكل المختلف عليه وفقا لظروف كل بيئة محلية. وطبعا كان ذلك التقبل يتعرض لاختبارات يومية فينجح المجتمع أحيانا في تجاوزها ويفشل أحيانا أخرى.. تذكرت عبارة فاتن حمامة والحكاية حولها الآن وأنا أتابع بعض ما أنتجته الدراما العربية، المصرية الخليجية تحديدا، هذا العام، وكان شهر رمضان كالعادة فرصة لاستعراضه على الشاشات في وقت واحد، وأرى كمية الشتائم والعبارات البذيئة التي حفلت بها معظم الأعمال المعروضة حاليا. لقد تجاوز القوم عبارة "يا ابن..."، ليس بما يكملها فقط، بل بما يمكن أن تعتبر معه هذه العبارة بشكلها الكامل وكأنها من العبارات التربوية التي ينبغي إشاعتها بين الأجيال الجديدة بدلا مما يسمعونه من شتائم وبذاءات أعترف أن بعضها لم أكن أعرف معناه، ولا في إي إطار يقال. وطبعا لست في وارد الإشارة إلى مثل هذه العبارات هنا نصا فهي مما لا يكتب كما أرى في مقال صحفي لجريدة يومية. عندما أبديت تذمري الشديد أمام الأخرين مما سمعته وأنا أتابع بعض تلك المسلسلات عرضا وبالصدفة، رد علي البعض أنه الواقع الذي نعيشه وتبرزه الدراما بكل صدق .. فلماذا تستغربين؟ الواقع؟ هل هذا هو واقعنا فعلا؟ هل انحدرنا في حواراتنا إلى هذا الدرك الأسفل من القبح؟ وحتى لو كان واقعا لدى البعض.. هل من الجيد أن يستغرقنا على هذا النحو المبالغ فيه جدا في الأعمال التلفزيونية ليصير هو الواقع لدى الأغلبية؟.. لا أعرف إجابات الأغلبية.. لكني إجابتي أنا هي: لا.