أشعلت طوشة عمومية بين العشرات من المهاجرين السودانيين والأرتريين على مدى اليومين الماضيين في مدينة كاليه ميناء فرنسا الرئيسي على قناة لا مانش الجدل مجدداً على الساحة البريطانية ونبّهت إلى المخاوف المعششة في قلوب البريطانيين من تعاظم سيل الهجرة الأجنبية إلى بريطانيا، ما دفع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس، إلى انتزاع ملف هجرة الأجانب إلى بريطانيا من يد وزيرة الداخلية تيريزا ماي وتشكيل لجنة وزارية خاصة برئاسته لمعالجة الموضوع الذي إضافة إلى أنه يؤرق البريطانيين يخلق لهم مشاكل عدة مع شركائهم في الاتحاد الأوروبي. وكانت السلطات الفرنسية عززت قوات الشرطة في مدينة كاليه الشمالية وفي محيط الميناء لفض الاشتباك الذي وقع بين المهاجرين الأجانب الذين ينتظرون وسيلة نقل تساعدهم على الانتقال بها في شكل غير شرعي إلى بريطانيا. واتضح أن الاشتباك كان بين مجموعتين أفريقيتين الأولى من السودان والثانية من إرتريا استخدمت فيه الأسلحة البيضاء من سكاكين وعصي وحجارة وقضبان وسلاسل حديدية. بدأت الطوشة ليلة الأحد على أثر إشعال النار في خيمة تابعة لمهاجرين إرتريين واستمرت حتى صباح الأثنين، مما أدى إلى إصابة 24 شخصاً كانت عشر منها خفيفة وعولجت في المكان، فيما نقل 14 جريحاً للعلاج في مستشفيات المدينة. ورغم تعزيزات الشرطة في محيط المنطقة التي يُعسكر فيها المهاجرون على مقربة من ميناء كاليه والتي يُطلق عليها سكان كاليه اسم «الغابة» أو «الدغل» اشتبكت المجموعتان مجدداً مساء الإثنين مما أسفر عن وقوع المزيد من الإصابات وبلغ عدد المصابين في الجولة الثانية 14. فقررت السلطات الفرنسية تعزيز قوة الشرطة ودفعت 150 شرطياً إلى محيط المعسكر الذي يتألف من الخيام والأكشاك المبنية من بعض الألواح الخشبية وأغصان الأشجار والكرتون، بالإضافة إلى مبنيين قديمين لمصنعين مهجورين. وهذه ليست المرة الأولى التي يشتبك فيها المهاجرون السودانيون والإريتريون، ففي أغسطس العام الماضي وقع اشتباك شبيه بين المهاجرين من البلدين في كاليه أيضاً مما أدى إلى إصابة 51 سودانياً وعدد آخر من الإريتريين. فالبريطانيون يُدركون جيداً أن وجهة هؤلاء المهاجرين الأجانب في كاليه هي بريطانيا، وتتهم الحكومة البريطانية السلطات الفرنسية بأنها ترغب بالتخلص من المهاجرين الأجانب بدفعهم نحو بريطانيا، فيما يرى الفرنسيون أن مشكلة المهاجرين الأجانب من الضخامة أنها تفوق قدرتهم على التحكم بها وأصبحت تشكل عبئاً على الشرطة وأجهزة الأمن الفرنسية. ووفقاً لتقديرات وزارة الداخلية البريطانية يتمكن المئات من المهاجرين غير الشرعيين يومياً من دخول بريطانيا سراً، رغم الإجراءات المشددة فوق العادة المفروضة على الموانئ والمطارات في بريطانيا. وزادت وزارة الداخلية البريطانية من عدد رجال الشرطة المتخصصين في ملاحقة المهاجرين الأجانب غير الشرعيين، وتجري مداهمة أماكن العمل في مختلف المدن البريطانية وفي الريف أيضاً، حيث انتشرت ظاهرة توظيف المهاجرين الأجانب غير الشرعيين من جانب أصحاب العمل البريطانيين لأن أجور المهاجرين غير الشرعيين منخفضة جداً. ورغم ذلك لم تنجح الشرطة البريطانية سوى باعتقال نحو 15 ألف مهاجر غير شرعي في العام الماضي، أي بمعدل 40 مهاجراً، فيما يظل الآخرون، الذين يبلغ عددهم أضعاف هذا الرقم، طلقاء ومقيمين في بريطانيا ويعملون فيها في شكل غير شرعي. وتشير أرقام وزارة الداخلية أنها حصلت على غرامات قيمتها 1.5 مليون جنيه إسترليني في العام الماضي من أصحاب المطاعم الآسيوعية خاصة الهنود والصينيين والباكستانيين الذين يستخدمون المهاجرين الأجانب ويوظفوهم في مطاعمهم. فيما يجد عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين أماكن عمل لهم في فروع البناء والزراعة.