وجّه رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس، انتقادات شديدة للمفوضية الأوروبية، مطالبًا إياها باتخاذ قرارات سياسية عاجلة، لحل أزمة الديون والتوصل لاتفاق مع الدائنين، وذلك في عشية الأسبوع الحاسم لمصير اليونان، في ظل تواصل أعمال التفاوض بين خبراء من أثينا وخبراء ما يسمي بـ«مجموعة بروكسل» الممثلة عن الدائنين؛ حيث يتعين على اليونان دفع قسط ديون قدره 312 مليون يورو لصندوق النقد الدولي خلال أيام قليلة وبالتحديد في الخامس من شهر يونيو (حزيران) الحالي. ADVERTISING وقد انتقد رئيس الوزراء اليوناني، عبر مقالة صحافية تم نشرها في جريدة فرنسية، كل من يقف أمام التوصل إلى تفاهم بين بلاده وبين المفوضية الأوروبية حول القروض والأوضاع المالية، محذرًا من أن أوروبا تقف على حافة هاوية، وأن أي قرار خاص بمستقبلها يعتمد على قادتها السياسيين، وليس على المؤسسات التي لم يتم انتخابها من قبل المواطنين الأوروبيين. وكرد فعل على تلك الانتقادات، قال رئيس نواب حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في البرلمان الألماني، وهو حزب المستشارة ميركل، إن «الكرة الآن توجد في ملعب اليونان التي يتعين عليها القيام بواجباتها»، مضيفًا: «إن لم نتوصل إلى اتفاق مع اليونان لحد الآن؛ فالسبب لا يعود إلى تصلب موقفنا بهذا الصدد». وبعد أن هاجم رئيس الوزراء اليوناني تسيبراس دائني بلاده المتمثلين في صندوق النقد الدولي، والبنك المركزي الأوروبي، والاتحاد الأوروبي، أوضح أن بلاده عرضت بالفعل تنازلات جدية فيما يخص الإصلاح الاقتصادي، إلا أن الدائنين يصرون على إجراءات أكثر عنفًا. وكان قد أجرى رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس، مكالمة هاتفية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، واتفق الزعماء الثلاثة على الحاجة للوصول لاتفاق مع المقرضين. وتؤكد المصادر على أن الاتصال الذي جاء عبر دائرة فيديو مغلقة واستمر أكثر من نصف ساعة، جاء في مناخ ودي، وطلبت أثينا خلاله حلاً سياسيًا من قبل قادة ألمانيا وفرنسا؛ حيث تؤكد المصادر أن جميع الأطراف اتفقوا على ضرورة سرعة التوصل لاتفاق، وأن هناك أدلة على تقارب في عدد متزايد من نقاط الاتفاق. في حين يعتبر الاجتماع المقرر لقادة ألمانيا وفرنسا في برلين، مع رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، حاسمًا للغاية بخصوص أزمة ديون اليونان، ومن جانبه جدّد رئيس المفوّضية الأوروبية معارضته لخروج اليونان من منطقة اليورو، معتبرًا أن حصول مثل هذا الأمر من شأنه أن يقوض ثقة المستثمرين بالعملة الأوروبية الموحّدة اليورو. وكان قد كثف يونكر في الأسابيع الأخيرة مساعيه الرامية لتقريب وجهات النظر بين الحكومة اليونانيّة الجديدة اليسارية المتشدّدة وشركائها الأوروبيّين؛ حيث أعرب عن خشيته من أن يؤدّي خروج أثينا المحتمل من منطقة اليورو إلى القضاء على «الفكرة الراسخة بأنّ اليورو ليس (عملة) لا رجعة عنها». من جانبه، قال مفوض الاتحاد الأوروبي جونتر أوتينجر: «إن احتمالية التوصل لاتفاق بين اليونان ودائنيها خلال الأسبوع الحالي، لا تزال قائمة»، وأضاف أن الأمر بحاجة للتقدم على مستوى فريق العمل، من أجل الموافقة على برنامج إصلاحي وفقًا لجدول زمني واضح، التي من شأنها الإفراج عن الدفعة الأخيرة من المساعدات المالية لأثينا. وخفض مفوض الاتحاد الأوروبي توقعات إمكانية التوصل لحل لأزمة ديون اليونان خلال اجتماع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند مع رئيس الاتحاد الأوروبي جان كلود يونكر في برلين، مشيرًا إلى أن التحديات اليونانية أكبر من أن تُحل بشكل عابر. ويرفض المانحون الدوليون الإفراج عن المزيد من قروض المساعدة لليونان إذا لم تقدم حكومة أثينا وعودًا بإجراءات إصلاحية ملزمة، وروّج أخيرًا وزير الخارجية اليوناني نيكوس كوتسياس لحل توافقي في الخلاف مع الاتحاد الأوروبي حول إسقاط جزء من ديون اليونان، وحذر من التداعيات الخطيرة التي يمكن أن تترتب على دعاوى خروج اليونان من منطقة اليورو. وقال كوتسياس: «من يزعزع استقرار اليونان، فهو يزعزع استقرار أوروبا». في غضون ذلك، صرّح وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس، بأن بلاده سوف تدفع القسط الذي يبلغ قيمته 312 مليون يورو، والواجب دفعه في الخامس من يونيو لصندوق النقد الدولي، لأنه بحلول هذا الوقت سيكون قد تم التوصل لاتفاق مع الدائنين، وذلك بعد الإعلان عن فرض ضريبة على العمليات المصرفية والعفو عن الودائع المخبأة بالخارج مقابل ضريبة بقيمة 15 في المائة. من جانبه، أكد وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس، أن بلاده حققت قفزة كبيرة نحو التوصل إلى اتفاق مع المقرضين الدوليين لتجنب الإفلاس، محذرًا من أن بلاده لم يعد أمامها سوى أسابيع لينفد ما لديها من أموال. وقال فاروفاكيس: «قدمنا ما لدينا، والآن الدور على المؤسسات المقرضة لتقديم بعض التنازلات لنتفق على أسس التعامل المستقبلية»، مضيفًا أن «خروج اليونان من منطقة العملة الأوروبية الموحدة اليورو، سيكون كارثة على الجميع»، موضحًا أن «ذلك قد يكون بداية النهاية لليورو». وما زالت المفاوضات بين اليونان والدائنين عند مفترق طرق، كما أنها تتعرض للتوقف والانتقاد في كثير من الأوقات، سواء من أثينا أو من قبل المؤسسات الدائنة؛ حيث اعتاد المسؤولون في حزب سيريزا اليساري الحاكم في اليونان، إطلاق تصريحات واتهامات تسبب حالة من الاضطراب، سواء داخل أثينا أو في العواصم الأوروبية الدائنة.