(CNN)-- في الصيف الماضي، وأثناء زيارة لعائلتنا في حي شعفاط، الواقع في القدس الشرقية المحتلة، لوحق ابني طارق من قبل ضباط الشرطة الإسرائيلية ، وتقييد يديه، ثم ضربه حتى فقد الوعي أثناء وقوفه لمشاهدة مظاهرة. المظاهرة كانت رداً على اختطاف وقتل ابن عمه وصديقه محمد أبو خضير، البالغ من العمر 16 سنة، من قبل مستوطنين إسرائيليين في اليوم السابق. أثناء قيام رجال الشرطة بحمل ابني المُغمى عليه بعيداً إلى السجن، استمر ضابطان آخران بركل جسده ووجهه الهامدين. في السجن، أُجبِر على الانتظار لست ساعات قبل تلقي الاهتمام الطبي. واضطررنا إلى الانتظار عدة أشهر لتبرئته من أي تهم في هذه القضية. عندما رأيت طارق لأول مرة بعد ضربه، لم أتمكن من تمييزه. كان وجهه مغطى بالكدمات لدرجة أن عينيه كانتا شبه مغلقتين. ظننت أنه قد مات. أردت الاقتراب منه، لأرى إذا كان يتنفس، لأعلمه أنني موجودة معه. لكن مسؤولي المستشفى منعوني من دخول غرفته. أتمنى لو أمكنني القول إن الذي حصل مع طارق هو أمر خارج عن المألوف، لكنه ليس كذلك. كل سنة، يُحاكم ما بين 500 و700 طفل فلسطيني في المحاكم العسكرية الإسرائيلية، حسب الفرع الفلسطيني للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال. مجموعات الدفاع عن حقوق الإنسان وثّقت إساءات ضد هؤلاء الأطفال، وفي بعض الحالات، تعذيبهم من قبل الجنود الإسرائيليين، والمحققين، والشرطة. على الأغلب لم تسمع عن أي من هذه القصص. فلماذا تسمع عن قصة ابني؟ هناك سببان رئيسيان. الأول هو أن طارق مواطن أمريكي، الأمر الذي جعل حالته محل اهتمام دولي. الثاني هو أن الضرب الذي تعرض له التُقط على الكاميرا ونُشر على الإنترنت ليراه كل العالم. على الرغم من أن الضرب الهمجي شوهد ملايين المرات حول العالم، لم يُحاسب عناصر الشرطة الذين ضربوا طارق على الجريمة البشعة التي ارتكبوها. أحد الضباط اتهم بالاعتداء على قاصر بقصد إلحاق الأذى، لكن كان هناك على الأقل ضابطين آخرين شاركا قصداً بما اعتبره أنا محاولة متعمدة للقتل. لم يُفصح عن اسم الضابط المتهم، وليس هناك أي تأكيد أنه - على الرغم من اتهامه - هو في الواقع مدان بأي شيء. نحن الفلسطينيون، كنا نعلم أن نظام العدل الإسرائيلي مُصمم ضدنا. ولكن بالاستناد إلى جنسيتنا الأمريكية، حملنا آمالاً أنه بعد ضرب طارق، ستضغط المراقبة الدولية على إسرائيل لجعلها تتابع التهم. الآن نخاف أن أصول طارق الفلسطينية ستحول إلى الأبد دون حصوله على العدالة التي يستحقها. بصفتي أما وإنسانة لا تقدر على احتمال رؤية الإساءة ضد الأطفال، لا أستطيع التخلي عن هذه القضية. لهذا، سنسافر أنا وطارق هذا الأسبوع إلى واشنطن للشهادة أمام الكونغرس كجزء من حملة "ليست طريقة لمعاملة طفل". نحن نطالب وزارة الخارجية الأمريكية بجعل الحقوق الإنسانية للأطفال الفلسطينيين أولوية في علاقاتنا الثنائية مع إسرائيل. نحن أيضاً ندعو السلطات الإسرائيلية للالتزام بالقوانين الدولية فيما يتعلق بمعاملة الأطفال، والتي ألزمت نفسها بتطبيقها، متضمنة اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل واتفاقية الأمم المتحدة ضد التعذيب. من المهم التركيز على أن هذه إجراءات وقائية، وأن الاحتلال الإسرائيلي الطويل للأراضي الفلسطينية يجب أن ينتهي – في نهاية المطاف – وأن على الفلسطينيين الحصول على حقوق متساوية للوصول إلى سلام عادل ومستمر. إلى أن يتحقق هذا، على الأشخاص العاديين مثلي الاستمرار في الإصرار على حكومتنا أن تحاسب إسرائيل حسب القانون الدولي في محاولة لإنهاء الوضع الراهن من الحصانة الممنهجة. هذه السلسة من الأحداث الأليمة التي مرت بها عائلتنا خلال الصيف الماضي أثرت على حياتنا جميعاً. بعد العودة إلى فلوريدا، حيث نعيش، أنظر إلى وجه ابني وأتساءل، هل سبَب له الضرب تلفاً دماغياً؟ أي نوع من الندبات النفسية سيضطر طارق إلى تحملها لباقي حياته؟ ما هو أثر كل هذه على أختيه الصغيرتين؟ ما الذي سيحدث لعائلتنا في القدس الآن بعد ذهاب أقاربهم الأمريكيين؟ يوم سفرنا، اعتقل جنود إسرائيليون عمّ طارق واثنين من أولاد عمه بدون أي تهم. أعتقد أنهم فعلوا هذا فقط كمحاولة لإسكاتنا، ولتذكيرنا بأنهم المحتلون، مالكوا القوة. على هذه الدورة المروعة أن تنكسر. على الضباط الإسرائيليين الذين قيّدوا ابني وضربوه حتى فقدان الوعي أن يحاسبوا على ما اقترفوه بشفافية. علينا أيضاً ضمان عدم تكرار الذي حصل مرة ثانية بتاتاً لأي طفل، في كل العالم.