قبل خمسة أعوام، كنت استغرق للانتقال من الفيحاء إلى الشويخ أقل من ربع ساعة يومياً في عز الزحمة، ثم بدأت وزارة الأشغال بأعمالها الإنشائية، لإقامة جسر الجهراء السريع، وقامت بتغيير مسارات شوارع جمال عبدالناصر وطريق الكندا دراي، فاستغرق مني الانتقال فترة تصل أحياناً إلى الساعة ونصف الساعة بسبب إغلاقات الشوارع وتعرج الطرق، وازدادت نسبة الخطورة إلى درجة غير مسبوقة. وكنت أقول لنفسي دائماً: اصبر لتظفر!! وأتصور منظر ذلك الطريق الممتد إلى مدينة الجهراء والذي ينساب بسهولة ويسر وينقل آلاف السيارات. مازلت وبعد هذه السنوات الطويلة لا أشاهد إلا أعمدة ممتدة وتكسيراً في الشوارع وأعمال حفر مستمرة من أجل تشييد طريق واحد!! ولكن ماذا عن بقية الشوارع والطرق التي تسبح يومياً بآلاف السيارات وتزداد أعدادها سنوياً إلى درجة تضغط على نفسياتنا وتكاد تعصرنا داخل شوارع ضيقة تم تصميمها في الستينات من القرن الماضي، وجسور كانت موقتة ثم أصبحت هي الأساس؟! نحن نخدع أنفسنا عندما نعتقد بأن مشكلتنا تتلخص في إنشاء المزيد من الشوارع والجسور، وعندما نصب جام غضبنا على وزارة الأشغال التي لم تقم بإنجاز كثير من المشاريع الحيوية، وعلى إدارة المرور لعدم تنظيمها الدقيق لمسار 1.6 مليون سيارة وسط شوارع لا تستوعب أكثر من 800 ألف سيارة! إن مشكلتنا الأساسية في الكويت هي مشكلة تخطيط، وربعنا يعرفون ذلك حق المعرفة ولكنهم يوهموننا بأن مشاريع خطة التنمية سوف تحل جميع مشاكلنا! ولنا أن نسأل الحكومة عن وسائل المواصلات التي تعمل منذ عقود على تأسيسها، وماذا تحقق منها؟! أين باصات المواصلات التي تغري المواطنين بركوبها وتوفر الرفاهية والراحة؟! وأين شبكات القطارات والمونريل وغيرها؟! ولماذا تصارع نواب المجلس البلدي عند مناقشتهم مسار القطارات عن طريق مزارع الوفرة هل نريد للناس أن يستغنوا عن سياراتهم مقابل لا شيء آخر؟! وهل الحل في تسفير الأجانب من أجل مخالفات بسيطة بينما الواجب هو إعادة تخطيط البلد بحيث نقضي على أماكن التجمعات والازدحامات، أين المدن الجديدة التي وعدونا بها مثل مدينة الحرير وغيرها؟ وإذا كانت وزارة الأشغال قد فشلت في متابعة مشاريعها القائمة، واضطرت للاستعانة بالديوان الأميري لتنفيذ المشاريع، حيث ذكرت وسائل الإعلام قبل يومين بأن ميزانية الديوان الأميري للمشاريع الموكلة به قد بلغت نفس ميزانية وزارة الأشغال بينما نسبة انجازاته لم تتعد 37 في المئة!! أليس الواجب هو تعزيز دور وزارة الأشغال وإصلاح الخلل الذي يمنعها من إنجاز المشاريع؟! لقد كثرت في الآونة الأخيرة معارض العقار في الكويت إلى درجة غير مسبوقة، وبدأ الناس يتسابقون على شراء العقار في الخارج لشعورهم بأن الكويت هي دولة موقتة وأن أحسن استثمار لهم هو في الخارج حيث ينعمون بالراحة والبعد عن التوتر اليومي الذي تسببه ازدحامات الشوارع والأسواق. أليس الواجب هو إنشاء مشاريع تعوض المواطن عما يعانيه من مشقة الحياة مثل المتنزهات والحدائق والاستراحات، وأن تجعل وصوله إليها سهلاً ميسراً عن طريق شبكات المواصلات والوسائل الحديثة؟! نحن نملك جميع مقومات الحياة الحديثة والمرفهة ولكن مشكلتنا في المخططين الذين لا يعرفون كيف يعملون ولا يعترفون بتقصيرهم! د. وائل الحساوي