-(لويين) 13 فبراير، 1932 هنري: - أرجوك أن تفهم، هنري، أنا في تمرّد كامل على عقلي، عندما أعيش، أعيش بالنبض، بالعاطفة، بالحرارة البيضاء. عقلي لم يكن معي حين مشينا معًا بجنون في شوارع باريس، غافلَين عن الناس، عن الوقت، عن المكان، عن الآخرين. وعقلي لم يكن موجودًا عندما قرأت دوستويفسكي لأول مرة في غرفة الفندق، وضحكت وبكيت في الوقت ذاته، ولم أستطع النوم، ولم أعلم أين كنت… بعد كل هذا، أريدك أن تفهمني، حين يخرج كل أساس، كل وعي، كل تحكّم، من ذاتي، بعد هذا أبذل جهدًا عظيمًا لأنهض من جديد، ليس لأتخبّط مرة أخرى، ليس لأستمر في العذاب أو الاحتراق، وأقبض على كل الأشياء: جون ودوستويفسكي، وأفكّر. ولكن لماذا عليّ أن أبذل جهدًا كهذا؟ لأنني أخاف أن أصبح مثل جون، لدي شعور تجاه الفوضى الكاملة. أريد أن أكون قادرة على العيش مع جون في جنون مطلق، ولكنني أريد أيضًا أن أتمكن من فهم الفوضى بعد انتهائها، من فهم كل ما عشته. لا تقلق بشأن شعوري تجاه ملاحظتك حول لغتي الإنجليزية. في أيام كهذه سأكتب لك مهما حدث، ولن أهتم لأي شيء طالما أنك تفهمني. لا أهتم إذا كانت لغتي جميلة أو مثالية. إذا كانت كذلك فهذا جيد، وأنا أنوي العمل عليها، وإلا فأنا لا أهتم لأمر اللغة فقط، أنا ممتلئة بالحياة، أنا متحمّسة، أنا محمومة - واللغة سوف تُسحب دائمًا وتتأخر في الخلف. أنا لا أقرأ رسائلي حين أنتهي منها حتى. يا لأذنك الحساسّة المسكينة! أقدّر لطفك ومساعدتك لي. أرجو منك أن تشتري المزيد من الفحم والخشب. أناييس - (لويين) فبراير، هنري: لقد خسرنا عقولنا لجون. أنا وأنت سنتبعها في بعض اللحظات... حتى ولو للموت. لقد دمّرت الواقع. لقد دمّرت الوعي. (تقول بأنك لا تملك أي وعي - وأقول أنا كذلك، ولكن هذا ليس صحيحًا تمامًا كما هو صحيح مع جون. مثلًا: لماذا أجدك دائمًا مراعيًا وقلقًا بشأن هيوغو؟) جون لا تزعجها الحقيقة. تخترع حياتها بينما هي تعيشها - ولا ترى فرقًا بين الخيال والواقع. كم نحب هذا فيها - حين تأخذ الخيال على محمل الجد. لقد كنتَ دون شعور، تدفعني باتجاه الظلام. لم أكن بحاجة إلى كثير من الدفع. كلمة صغيرة منك ضد العقل.. هل تفهمني؟ وجودي يتحطّم، يتهاوى. كنت أظن أن سبب وجودي هو العقل. كنت أظن أنه من السهل (على الأقل بالنسبة لي) أن أعيش على حافة الموت مثل جون، أن أعطي حتى الموت.. الأمر الأكثر صعوبة هو أن أتوقّف فجأة. الوحيد الذي يملك الجرأة ليجرح… لأسباب أعظم… هو وحده من يقدّم الخير. جون تفعل هذا. يومًا ما سوف أشارك جنونها كاملًا، كاملًا. كنت أحاول أن أجيب على رسالتك الدافئة الجميلة. - غوته - إنه لمن المثير للإعجاب كيف نتفق بشأن غوته. الرجل الذي خرج بحثًا عن الصفاء والعقل. أنا بالكاد أعرفه، وأكرهه. وأكره نيتشه أيضًا. أتمنى لو تخبرني بشيء عنه يجعلني أفهمه. لقد بدأت بقراءة كتابه عن زرادشت. لغته حمقاء، وعالمه مليء بالرجال الأكثر صرامة ومرحًا. أتعلّم؟ بدأت بتعلّم الروسيّة. وصديقتي الروسية ناتاشا تقسم لي أن دوستويفسكي كان كاذبًا كبيرًا وبالكاد يوجد اسم "ناستاسيا" - من رواية الأبله - أو "ستاروجين" في روسيا. حبيبها سوبرمان "صارم ومرح" على طريقة نيتشه. مازالت تحاول أن تغيّر صورة روسيا في ذهني، كما أحاول أن أغيّر صورة فرنسا في ذهنك. هل لاحظت الفرق بين الألوان التي أحبها والألوان التي تحبها جون؟ جون تحب البنفسجي، وهو رمز الموت. وأنا أحب الألوان الدافئة، ألوان الدم، الأحمر، والذي يرمز للحياة. ماذا تتوقع مني أن أعطي جون إذن؟ أناييس