يعتبر البنك السعودي البريطاني (ساب) رائداً في تقديم مجموعة متكاملة من الخدمات المصرفية المتكاملة، وللبنك اسهامات واضحة ومتميزة في توطين الوظائف لديه وفق خطط استراتيجية منظمة، لتصدّر منصات التتويج وحصد العديد من الجوائز والشهادات التقديرية في الكثير من المحافل، تقديراً لدور ساب الرائد في التوظيف والتوطين، «الرياض» التقت مع الأستاذ أحمد السديس، مدير عام الموارد البشرية، والذي حدثنا عن الجهود الحثيثة للبنك في مجال التدريب وتوطين الوظائف وصولاً للمراتب القيادية، فإلى الحوار: *ماذا عن رؤية ساب لمفهوم "توطين الوظائف"، وما هي أبرز الخطوات التي قطعها لتعزيز معدلات توطين الوظائف بين صفوف العاملين لديه؟ - بداية لا بد من التأكيد على أن "توطين الوظائف" هو هدف مشترك للدولة والقطاع الخاص عموماً بما في ذلك القطاع المصرفي. و"ساب" بدأ في اتخاذ الخطوات التي تدعم تحقيق هذا الهدف منذ وقت مبكر يعود لأكثر من عشر سنوات، منطلقاً من أن الوصول إلى هذا الهدف وترسيخه في القطاع المصرفي تحديداً، يتطلب إرساء أسس قوية، ويرتكز على خطط مدروسة تجمع بين السير في هذا الاتجاه بشكل تدريجي وبما يحفظ في الوقت عينه وتيرة الأداء في العمل والإنتاجية. وحقيقة نحن ننظر إلى توطين الوظائف باعتباره واجبا وطنيا. ولعل هذه الرؤية بما تحمله من عمق ونظرة بعيدة المدى، أسهمت في دعم توجهات البنك وجهوده لاستقطاب الكوادر الوطنية من كلا الجنسين بشكل متنامٍ، ما أثمر اليوم عن وصول نسبة توطين الوظائف لدى "ساب" إلى 90% تقريباً، وجميع الموظفات في ساب سعوديات ويمثلن 18% تقريباً من مجموع العاملين لدى البنك. وما أود هنا بالتالي أن أؤكد عليه، أن توطين الوظائف يتوجب أن يكون محوره الرئيس "تأهيل الشباب السعودي وتعزيز قابليته للتطور والتدرّج الوظيفي ورفع قدراته المهنية" وليس مجرد استقطابه وتوفير فرصة عمل له، ولعل هذا ما يفسّر اهتمام "ساب" اللافت بمسألة التدريب والتطوير، وما قطعه من شوطٍ طويل على طريق الاستثمار في العنصر البشري، فالخبرة وحدها لا تعد كافية إذا ما واكبتها عملية صقل مستمرة من خلال التدريب والتطوير والتأهيل لما هو قادم. *هذا السؤال يدفعني للحديث عن الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص لتذليل تحديات البطالة. ما هي رؤيتكم وتقييمكم لمستوى التعاون في هذا الجانب؟ أعتقد بأن الجهات الحكومية المعنية تبذل الكثير من الوسائل والخطوات لحل مشكلة البطالة وتوفير الفرص الوظيفية للشباب السعودي، وهناك الكثير من البرامج والمبادرات في هذا الجانب من بينها: برنامج نطاقات، وحافز، وصندوق تنمية الموارد البشرية الذي يقوم بمجهود مميز في هذا الجانب، يضاف إلى ذلك دعم الجهات والمؤسسات الوطنية بمكافآت التوطين. وهناك في واقع الأمر مستوى متقدم من الشراكة والتعاون البنّاء الذي يجمع القطاع الخاص وتحديداً المصرفي مع البرامج الحكومية، لأننا ننظر إلى "البطالة" بأنها تشكل تحدياً يواجه الجميع ويتطلب جهداً مشتركاً ووطنياً جامعاً، وقد أثمر ذلك التعاون عن حصول البنك على مجموعة من الجوائز تقديراً لدوره الحيوي في هذا الجانب، كحصول البنك مرات عديدة على جائزة أفضل مؤسسة أهلية في مجال استقطاب خريجي معهد الإدارة العامة. ومثل تلك الجوائز تعد بمثابة انصاف للشركات التي تسهم في تطبيق الخطط الوطنية المرسومة من قبل الجهات الحكومية، وذلك من خلال اعطاء المواطنين فرصا للعمل والتدريب، كما أنها تشجع مؤسسات القطاع الخاص على تطبيق خطط التوطين بشكل فعال. *ما هي البرامج التي يتبناها "ساب" في مجال تدريب وتأهيل الكوادر الوظيفية لديه؟ -لدينا مجموعة واسعة من تلك البرامج، من بينها ما هو مصمم لحديثي التخرج من الجامعات والمعاهد والكليات، الذين يجري العمل على تدريبهم وتأهيلهم لمختلف قطاعات الأعمال لدى البنك عبر إدراجهم في برامج متكاملة لإكسابهم الخبرة العملية اللازمة لمزاولة الأعمال بكفاءة، والحقيقة أن إعطاء أهمية لاستقطاب الخريجين الجدد ممن يفتقدون الخبرة العملية، له بعد اجتماعي ويعكس التزام ساب بمسؤوليته الاجتماعية عن طريق دوره في تأهيل أجيال من الكوادر المصرفية الوطنية، وبما يدعم في الوقت ذاته جهودنا في توطين الوظائف، وبما يحقق هدفنا في الاعتماد على كوادرنا الوطنية في تشغيل كافة أعمالنا. أمر آخر لا بد من الإشارة إليه، أن برامج التدريب التي يتم تبنيها تمنحنا القدرة الكافية لتأهيل أصحاب التخصصات الأكاديمية غير المصرفية، إذ أننا في ساب نقوم باستقطاب الشباب السعودي من شتى التخصصات، ونعتمد على إعادة تأهيلهم عبر برامجنا التدريبية التي تمنحنا المرونة الكافية لتعزيز كفاءتهم ومن ثم توجيههم إلى المكان المناسب. أما بخصوص ماهية الدورات والبرامج التدريبية المعتمدة لدى البنك، فإننا في "ساب" نسعى لانتقاء أفضل ما هو متاح من برامج حديثة تتعلق بالقيادة والإدارة، وتكفل تحقيق هدفنا في تطوير الذات والمهارات الاحترافية والوظيفية لمنسوبي البنك مع تركيزنا على تهيئته للتدرج الوظيفي والموقع المستقبلي للموظف، و "ساب" يرتبط باتفاقيات واسعة مع نخبة من المراكز والجهات المتخصصة في هذا الجانب التي يجري تقييمها على نحو دقيق بشكل دوري. *كيف يتطلع "ساب" إلى ملتقيات التوظيف ودورها في إثراء جهود توطين الوظائف لدى القطاع الخاص وتحديداً المصرفي؟ -"ساب" لديه حضور لافت في مختلف فعاليات ملتقيات التوظيف التي يتم عقدها سواء محلياً أو في الخارج وتحديداً في المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية لمنتسبي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث، بالاضافة لملتقيات التوظيف في الجامعات السعودية بدون استثناء ونحن نتطلع باهتمام للمشاركة في تلك الفعاليات لما توفره من فرصة لاستقطاب الخريجين الجدد من أبنائنا ومن مختلف التخصصات والدرجات العلمية سواء البكالوريوس أو الماجستير، وعرض الفرص الوظيفية الواعدة أمامهم، ليتم لاحقاً وكما أشرت إلى صقل مهاراتهم ومكتسباتهم الأكاديمية عبر البرامج التدريبية التي تمنحهم القدرة على تولي المواقع الوظيفية داخل قطاعات البنك المختلفة بجدارة وإتقان، وبما يدعم بالتالي توجهاتنا لتأهيل جيل من القيادات المصرفية. * كيف أمكن ل "ساب" استثمار شراكته مع مجموعة HSBC لتأهيل الكفاءات الوطنية المصرفية؟ - رغم اعتزاز "ساب" بمكانته كبنك سعودي يتمتع باستقلاليته التامة، إلا أنه تجمعه شراكة استراتيجية مع مجموعة HSBC المصرفية العالمية العريقة ذات الانتشار الواسع من خلال تواجدها في أكثر من 80 دولة حول العالم، ونعتبر ذلك مصدر قوة لنا فيما يتعلق بتوطين الوظائف القيادية تحديداً. ونحن نتطلع إلى استثمار تلك الشراكة على صعيد تدريب كوادرنا البشرية من خلال ما تتبناه HSBC من برامج متقدمة، إلى جانب محور آخر يتعلق بانتداب موظفين من ساب للعمل الموقت لدى المؤسسات المصرفية التابعة للمجموعة وبشكل سنوي بهدف تطوير القدرات الوظيفية والاحترافية لهؤلاء الموظفين وبما يؤهل بالتالي الشباب السعودي لاستلام مواقع قيادية، وقد أثمرت هذه البرامج عن دعم تطلعاتنا في توطين المواقع القيادية لدى "ساب" ، فعلاقتنا مع HSBC هي علاقة استراتيجية ونطمح إلى استثمارها على نحو أمثل وتحديداً لتحقيق تطلعاتنا في توطين "القيادات المصرفية"، والذي شهد ساب خلال السنوات الأخيرة نتائج مميزة على صعيدها، إذ باتت اليوم الكفاءات السعودية تشغل عددا كبيرا وواسعا من المواقع القيادية لدى "ساب" تمثل ما نسبته 80%: كقطاعات الخزينة، والعمليات، المصرفية الفردية، الشركات، الموارد البشرية، والتدقيق الداخلي، الشركات الدولية ... الخ. أيضاً لا بد من الإشارة إلى أن هذه الشراكة قد أتاحت تبادل الخبرات بين الجانبين، إذ أن HSBC استفادت كذلك من الكفاءات السعودية في شغل العديد من المواقع القيادية في مؤسساتها التابعة في الخارج والأمثلة في هذا الجانب لا حصر لها. *كيف تقيمون معدلات إقبال الشباب السعودي للعمل في القطاع المصرفي، وما هي الخطوات برأيكم التي يمكن اتخاذها لتحفيزهم لذلك؟ - أعتقد أن الحديث عن عزوف الشباب السعودي عن العمل في القطاع المصرفي غير صحيح، والدليل على هذا تكشفه الأرقام، فمعدل توطين الوظائف لدى القطاع المصرفي تتراوح بين 85 - 90%، وهو أكبر قطاع تحقيقاً لمعدلات توطين الوظائف، وهذا يؤكد على مستوى الإقبال اللافت من قبل الشباب السعودي للعمل في القطاع المصرفي، والسبب في ذلك يعود إلى ما يتمتع به العمل المصرفي من معايير مهنية متقدمة، بما يفرضه من مفاهيم تتعلق بالالتزام والدقة والانضباط، وما يمنحه كذلك من خبرة عملية واسعة لمنسوبيه، تجعل من هذا القطاع بيئة عمل هي الأكثر جاذبية ضمن القطاع الخاص، ولعل مستوى الإقبال الكبير الذي تشهده أجنحة البنوك المشاركة في فعاليات أيام المهن والوظائف وحجم الطلبات التي يتم استقبالها، تؤكد ذلك. *ما هي الآلية التي يعتمدها "ساب" لاختيار الموظفين؟ - هذا الأمر تحدده الاحتياجات الوظيفية للبنك، فعلى سبيل المثال، فإن الوظائف المخصصة لحديثي التخرج لا تتطلب تمتعهم بخبرة عملية بل معرفة بالمهارات الأساسية. أما بقية الوظائف فإنها تتطلب الخبرة العملية ما يعني البحث عن الشخص المناسب وتقييم مستوى كفاءته سواء على مستوى المؤهلات الشخصية أو القدرات العملية، وهذه المتطلبات بطبيعة الحال تزداد كلما ازدادت أهمية الوظيفة. ونحن في الموارد البشرية نعمل في المقام الأول على أداء دورنا نحو هدف البنك الرئيسي المتمثل في "خدمة العمل"، حيث نعمل ما بوسعنا لاستقطاب الكوادر البشرية التي نرى فيها القدرة على تحقيق أهدافنا، ولديها القابلية للتطوير من خلال تزويدها ببرامج تدريبية مكثفة تطور قدراتهم وتساعدهم على الانتاجية والابداع. *ما الذي يميّز ساب عن غيره من البنوك في مجال توطين الوظائف؟ - رغم تشابه جهود البنوك السعودية في مجال توطين الوظائف على اعتباره هدفا مشتركا يجمع بينها جميعاً، إلا أننا ركزنا في هذا الجانب على توطين المواقع القيادية، والعناية بمسألة تطوير وتعزيز القدرات الوظيفية وتطوير المهارات الاحترافية لمنسوبيه بما يضاهي أعلى المعايير العالمية، وهذا الأمر جعل من موظفي البنك محل استقطاب من قبل عدة جهات نتيجة احترافيتهم العالية، وهو مصدر اعتزاز لنا. أيضاً أمر آخر يتعلق بالكفاءات السعودية النسائية المتميزة واللواتي أثبتن كفاءتهن العالية لتولي مواقع وظيفية متقدمة وضمن قطاعات حيوية في البنك كالخزينة والموارد البشرية وغيرها. واعتقد كذلك أن الاستقرار الوظيفي في ساب يعد إحدى المزايا التي يتسم بها البنك ويفخر بها على نحو يجعله موضع اقبال للكثير من الطامحين للعمل في القطاع المصرفي. علاوة على مواصلة تطوير برامجه الاستراتيحية فيما يتعلق بالتطوير والتدريب وفق أعلى معايير الجودة ومتطلبات السوق. * كيف تصف "بيئة العمل" لدى "ساب"، وما الذي يعنيه أن تكون أحد موظفي "ساب"؟ - بيئة العمل في ساب تلخصها قيم البنك، التي تدعو إلى التواصل والتفتح والعمل سوياً والاعتمادية. وهي أسس تمثل فيما بينها أركانا رئيسة لبلورة هوية بيئة العمل. جانب آخر يعزز من جاذبية بيئة العمل لدى "ساب" ويكمن في اعتماد مبدأ العدالة في التدرج والتقدم الوظيفي لكافة الموظفين وفق عملية تقييم تخضع لاعتبارات مهنية بحتة، لأن ذلك يعزز من قيم الولاء والانتماء للبنك ويحفز طاقات العطاء، فضلاً عن ذلك فإن التنوع الذي يتمتع به "ساب" في التوظيف، والمرونة في التنقل بين الإدارات والاقسام، ودعمه لحضور المرأة السعودية في مختلف المناصب يمنح بيئة العمل بعداً إضافياً للتميز، وهذا جميعه يجعل من بيئة العمل جاذبة، وتدعم تطلعاتنا المتواصلة للحفاظ على أفضل بيئة عمل في القطاع الخاص، وقد حقق ساب هذا العام جائزة (أفضل مكان للعمل في القطاع الخاص) على مستوى المنطقة من قبل (مؤتمر الموارد البشرية “Human Assets Expansion Summit “ ) التي جرى تسليمها مؤخراً في دبي. *برأيكم، ماهي أبرز الخطوات التي اتخذها ساب في سبيل خلق هذه البيئة المثالية؟ -حرصنا على تعزيز قنوات التواصل مع الموظفين، والإنصات لآرائهم، بل ومشاركتهم الأفكار اللازمة لتطوير آليات العمل، حيث نقوم بصفة دورية بتوزيع الاستبانات التي نتعرف من خلالها على آراء الموظفين، ونعمل على تحليلها وتوجيهها لمختلف الإدارات للأخذ بها، يضاف إلى ذلك الجلسات الحوارية الدورية والحلقات النقاشية. وقد أثبتت التجربة عمق ذلك التوجه وأثره الإيجابي في إثراء بيئة العمل، وأكثر من ذلك الاعتماد على الكثير من تلك الآراء في صناعة توجهات وقرارات البنك. وكذلك انتهاج البنك سياسة الباب المفتوح التي تمكن التواصل بين موظفي البنك بمختلف المستويات الوظيفية وبدون قيود. في المقابل فإننا في "ساب" نسعى قبل كل شيء إلى إحداث توازن بين مسؤوليات العاملين الوظيفية، وبين مسؤولياتهم الأسرية دون أن يؤثر أحدهما على الآخر، وبما يحقق الاستقرار الوظيفي والأسري للموظف على حد سواء، وهو أمر في غاية الأهمية، ويحتل أولوية لدينا، حيث بادرنا على سبيل المثال لا الحصر إلى تبني العديد من البرامج والأنشطة في هذا الجانب، من بينها تلبية متطبات اسر الموظفين الصحية منها والاجتماعية والتعليمية والترفيهية، فراحة الموظف وقدرة المنشأة على توفير سبل الاستقرار للموظفين تحفز الإبداع والتميز، وتدعم قيم الولاء والانتماء. وكذلك ركزنا على تقوية العلاقة بين المنزل والعمل لدى الموظفين، عن طريق زيارات يقوم بها أبناء الموظفين لوالديهم في مكان عملهم في البنك من خلال برنامج يومي شامل.