×
محافظة الجوف

انتحار «ثلاثيني» داخل توقيف شرطة الحديثة بالقريات

صورة الخبر

الإنسان في بداية حياته الوظيفية يستطيع -غالبا- التكيّف مع أي أجر شهري يتقاضاه من جهة عمله.. طالما لم يتزوج ويكوّن أسرته الخاصة، وليس عليه أي التزامات مالية قد تشكل ضغطا عليه، فالأمور تحت السيطرة كما يقال! مع تقدم العمر، وتكوين الأسرة، وزيادة عدد أفرادها، وتضاعف مسؤولياته يبدأ في استعمال الآلة الحاسبة.. لديه مبلغ محدد شهريا -راتب- لديه التزامات عدة ينبغي الوفاء بها.. لا بد أن يتوازى حجم الإيرادات مع حجم المصروفات، أو تقل عنها حتى يتحقق فائضا يتم الاحتفاظ به.. دون ذلك سيكون هناك عجز.. وبالتالي لا بد له من اللجوء إلى الاقتراض. تماما كما تفعل الحكومات في موازناتها السنوية! لا بد أن يكيّف الموظف الحاجة مع الدخل المحدود.. ولأن العلاوة السنوية التي تضاف إلى الراتب لا تشكل أي قيمة حقيقية على راتب الكثيرين، فالمعاناة تبقى قائمة! تأتي "البدلات" التي يتقاضاها بعض الموظفين على اختلافها واختلاف قيمتها، لتنقذ الموقف، يعيش الإنسان مع هذه البدلات "مستور الحال".. يستطيع "مصارعة" المتطلبات اليومية، يتمكن منها يوما، ويهرب عن ملاقاتها حينا آخر.. معركة كر وفر.. الموظف العسكري هو أكثر موظفي الدولة حصولا على هذا البدلات التي تضاف إلى الراتب. الإجمالي الشهري يحقق له عيشا مقبولا، أفضل من بعض موظفي الخدمة المدنية.. لكن المشكلة حينما يحال هذا الموظف العسكري إلى التقاعد! تطير هذه البدلات، ويتم قسمة الراتب المتبقي، فيصبح "الراتب" التقاعدي كالطائر "منتوف الريش"! يتلفت الموظف العسكري يمينا.. شمالا.. تنتابه الدهشة.. كيف يمكن له بهذا الراتب التقاعدي الهزيل أن يفي بالتزاماته الشخصية، فضلا عن العائلية.. الحياة قاسية.. الأمر يبدو مستحيلا، حتى وإن استعان بألف حاسب ومحاسب! فقط قل "عسكري متقاعد" للتدليل على المعاناة.. إطلاقا لست في حاجة إلى وصف الحالة وأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية.. مهما كان الراتب ومهما كانت الرتبة! لا أملك الحلول، وهي كثيرة لمن أرادها.. كأن يتم احتساب الراتب التقاعدي قبل حسم البدلات.. هذا حل مناسب.. هؤلاء الأبطال يستحقون منا الالتفات إلى هذه المعضلة التي تؤرقهم، حتى قبل أن يصلوا إلى سن التقاعد!