حيثما يتجه بصرك، وحيثما يتناهى سمعك فإن ثمة تحريضا مذهبيا نتنا. بعض مشايخنا – نحن السنة – لا يصلحون إلا للإفتاء في نواقض الوضوء والاستنجاء والاستجمار، وليتهم يكتفون بذلك، لكن إغراء المتابعين والشعبوية يجعلهم عبر منصات تويتر يقعون في محاذير الفتن والمذهبية، رغم أنهم أكثر من قرأ في كتب الفتن والملاحم، وكانوا هم الأحرى بالنأي والابتعاد عن الخوض في أتونها. بعض هؤلاء المشايخ والوعاظ يندفع من منطلق وطني للهجوم على إيران التي تكيد لهذا الوطن، فلا يجد سبيلاً للتعريض بها إلا من خلال النيل من الشيعة ومعتقداتهم، وكان الأولى به أن يقصر كلامه على إيران وتوجهها الشعوبي، ونزعتها الفارسية، ونظرتها الفوقية تجاه العرب (شيعة وسنة)، والإشارة إلى أن إيران وكما تثبت كثير من التقارير الاستخبارية قد تولت تفجير المساجد والحسينيات والمزارات الشيعية في العراق وسورية بواسطة عملائها في لبنان والعراق بقصد إيقاع الفتنة بين الشيعة والسنة العرب، وهو ما تثبت التحريات والدلائل حدوثه في القديح والدمام، حيث ذكرت التقارير المبكرة تخطيط إيران وعزمها لاستخدام شيعة القطيف وتحريضهم للتصادم مع الحكومة ومع المكونات الوطنية الأخرى. مرة أخرى أمعن النظر في مآخذ بعض دعاة السنة على الشيعة، وستجد أنهم يدينونهم بسب الخليفة عمر بن الخطاب وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ونحن لم نشهد – كمواطنين- أن إخواننا شيعة القطيف يفعلون ذلك، وأن ما يتم تداوله عبر الـ"يوتيوبات " في هذا الخصوص هو لبعض غلاة الشيعة في إيران والعراق، وتتعمد إيران تسريبها والترويج لها لتكريس فكرة الطائفية وتوسيع الفجوة. وتتسع الغرائبية عندما يذكر أحد المشايخ أن مساجد الشيعة مليئة بالمسابح المعلقة (!!!)، ويتضح عجزه عن إيراد الحجة فيعمد إلى هذا الافتعال مع أن مساجد السنة في تركيا والشام ومصر مليئة بالمسابح، ولا أعلم ما هو المحذور الديني في المسبحة! وكلما دافعت عن شيعة المملكة من منطلق وطني ومن منظور حتمية التعايش وفق المصلحة المشتركة والمصير الواحد بيننا وبينهم فإنك ستصدم بحجة مطاطة لا يمكنك ردعها وستقذف بها كلما نجحت في إطفاء حججهم وأعني هنا ما يعرف بالتقية. فلو قلت إن بعض الشيعة يصلون معنا ردوا عليك إنهم يتقون. ولو قلت إنني لم أسمعهم قط يسبون عمر وعائشة لقالوا إنهم يمارسون التقية أمامك ويفعلون منذ أن تغادر. ولو قلت إنهم وطنيون لردعوك بقولهم لا يهمونك إنها التقية. والواقع أن التقية حجة لا يمكن صدها لأن أي سلوك إيجابي سيتم نفيه ورفضه بسبب هذه الحجة المائعة والتي لا يمكن القبض عليها. ليس هذا دفاعاً عن الشيعة ولا هجوماً على السنة، ولكنني أرفع صوتي لنتناهى عن هذه الطائفية النتنة بعد أن ندرك أن كل التجاوزات الخلافية لا تحدث إلا من قلة معدودة من متشددي وجهلة سنتنا وشيعتنا السعوديين، وفي مقالي القادم سأتحدث عن بعض مثقفي شيعة القطيف الذين لا يحركون ساكنا عندما يستهدف الوطن، ولكنهم يلطمون عند أقل حدث عابر يتعرضون له.