والمكسوف في لهجة الأشقاء المصريين هو الخجلان وهنا استعارة للمعنى في حالة توديع الشمس للسنة الهجرية الماضية 1434هـ، فقد ودعتنا وهي (مكسوفة) خجلة، ربما لأن واقع العالم أصبح مخجلا تودعه الشمس باحتجاب!!. أعلم أنها ظاهرة كونية محسوبة رياضيا في علم الفلك، لكن حسن القمر الذي نتوقف عنده ونتغزل به إذا اكتمل محسوب أيضا، فلماذا لا نتوقف عند وداعية الشمس (المكسوفة) من سنتنا التي مضت ونتساءل لماذا؟! هل لأن إخواننا في سوريا لم يجدوا من ينصرهم وينتصر لما يتعرض له غالبيتهم من إبادة، أم لأن الأقصى يدنس تحت ضوء الشمس ولا أحد ينتصر؟! أم لما منيت به مصر؟! أم لما أصاب المسلمين من فرقة وتناحر بين الفرق والمذاهب وتركهم العدو الحقيقي ينحر إخوانهم في الإسلام في بورما ومالي والهند وفي كل مكان؟!. هل الشمس (مكسوفة) خجلة مما يحدث من عقوق للوالدين وقد قرن خالقها الإحسان بهم بعبادته فأصبحوا يرمون في دور الرعاية حزنين بائسين مهملين؟!، أم لأن كثيرا منا لم يعد يكترث بالكسب الحلال وتحليل مصادر دخله وأصبح من المطففين ويقسط في الميزان ويأكل مال اليتيم ويسرق الأرض الحكومية وينهب المال العام. هل لأن بعض المسؤولين والوزراء المؤتمنين أهملوا في مسؤولياتهم ونسوا أنهم راعون في مجال أعمالهم ووزاراتهم ومسؤولون عن رعيتهم، وأن بعض الرؤساء ظلموا المرؤوسين، وبعض المديرين استغلوا الموظفين، وبعض الموظفين أهملوا المراجعين. هل الشمس (مكسوفة) خجلة من شيوع السفور وكشف العورات والمستور وتكرار حالات الابتزاز والفجور؟! أم لإهمال النفس البشرية وقتلها لأتفه الأمور وفي حادث مرور يرتكبه مخمور؟!. هل لأن الطبيب أهمل وعن مريضه انشغل والمعلم قسا وتجبر والطالب اعتدى وقتل والمهندس تغاضى وغفل والمشروع تعثر وكاتب العدل ارتشى وما عدل واستكثر الناس أن يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟!. الشمس كسفت لأن القمر وقع بينها وبين الأرض على خط مستقيم، وهذا يذكرنا بأن ثمة أمورا عندنا لم تستقم، فعسى أن نعالجها في العام الجديد وكل عام ونحن نسعى لأن نستقيم وأنتم بخير.