في معرضه «الأوهام البصرية في الخط العربي» الذي استضافه صالون «نادي سبورتنغ» في الإسكندرية، أعاد محمد رفيق زاهر صياغة التكوين التشكيلي لحروف وكلمات وخطوط عربية، برؤية منظورية كرّس من خلالها المفهوم الرياضي للنسب التشكيلية وحوّلها الى تشكيلات خطية متداخلة ومتناغمة. واستخدم التكنولوجيا عبر برامج الغرافيكس المختلفة التي التقت عبر صياغاتها البصرية المبهرة، العناصر والكتل التشكيلية بصرياً وفنياً ومعمارياً. عشرون لوحة استعرض فيها صاحب الدراسات في العمران الإسلامي والحاصل على بكالوريوس الهندسة المعمارية، جماليات الخط العربي من خلال العديد من الظواهر البصرية التي تتعلق بأسلوب الرؤية للعين وتأثره ببعض التكوينات اللونية الخاصة وبعض المجسمات التي يمكن رؤيتها بطرق مختلفة. واستمد زاهر هذه الرؤية من قوانين الفن الإسلامي وزخارفه المعمارية ذات الشكل المعقد التركيب، حيث تظهر الخطوط الإسلامية متداخلة بأسلوب هندسي رياضي، فلا تُعرف بداية الخط من نهايته، الأمر الذي يخدع العين ويجعلها تتحرك في كل أجزاء اللوحة باحثة عن بدايته ونهايته. حروف وكلمات عربية تتحرك من أعلى الى أسفل ومن أسفل الى أعلى، تدور لتدخل أعماقاً مجهولة أو تنحسر فتختفي بصرياً أو تكاد تقفز من اللوحة لتحيلك إلى عالم إبداعي غير معتاد من الخيال الجامح الملون غير المألوف. يؤكد زاهر أهمية إلمام الفنان الكامل بالتقنيات الحديثة في تنفيذه لأعماله الفنية التي تفتح أمامه فضاءات إبداعية مذهلة. ويقول «الرسم بالتقنيات القديمة كالقلم والريشة لا يقدم للمبدع وخياله الجامح خيارات كافية، بينما التكنولوجيا تكفل له آلاف الخيارات الإبداعية والأحاسيس المختلفة والابتكارات اللامحدودة على كل الصعد». ويضيف: «بعد تمكن الفنان من إمكاناته وأدواته التكنولوجية لا بدّ من الحفاظ على هويته الشخصية وثقافته، لا بد أن يحافظ على طبيعته وخصائص بيئته التي ولد فيها وحضارته الزاخرة. وهذه ليست رسالة وإنما هو واقع نعيشه». ومن اللوحات اللافتة في المعرض تكوين من أيقونة «سبحان الله»، وهي عبارة عن اثنتي عشرة كرة تدور حول كرة أخرى في المنتصف، إذا أطلت النظر فيها اختفت الدوائر الملونة المحيطة. لوحة أخرى مكونة من مجموعة أيقونات إسلامية مع كلمة الله، يمكن مع التركيز على المربع الأوسط، ملاحظة اهتزاز التكوين. وقد أبهرت الحاضرين لوحة مؤلفة من عبارة «بسم الله» وهي عبارة عن تكوينات هرمية بألوان حارة ينطلق منها تكوين هندسي للفضاء الخارجي ليلتحم بالمجموعة الشمسية ويمكن رؤية الهرم الأوسط إما هو متجه إلى الداخل أو بارز إلى الخارج. يسعى زاهر، الحاصل على العديد من الجوائز الدولية في العمارة والفنون، لاستعراض فنون التصوير الضوئي والتكوين الفني وكيفية توظيف عمارة الفن تكنولوجياً، في ترجمة آيات من القرآن الكريم وفنون الاستخدام الحر للخطوط العربية الإسلامية وصياغتها في تراكيب ذات معانٍ متعددة ومتنوعة، حيث «تعكس منطلقات الفن الحديث التحول في المفاهيم والتبدل في الرؤى على أغلب الصعد سواء الفكرية أو الفلسفية أو الثقافية أو الاجتماعية». وبسؤاله عن الهالة الصوفية المحيطة بغالبية أعماله، يقول زاهر: «لم أسع لإضفاء الحالة الصوفية بل يمكنني أن أطلق عليها تكريس الشعور الإنساني. أعمالي لها معنى إنساني، فالأديان كلها تبحث في الإنسانيات وأنا من خلال الفن أبحث عن المعنى الإنساني وأعود الى الأصول بعيداً من التصنيف الديني. أتحدث عن الخالق والعباد وحالة الحب التي من المفترض أن تسود بين البشر».