المقاومة السلبية طبيعة بشرية، فالإنسان لديه ما يعرف بـالمنطقة الآمنة التي اعتاد عليها ولا يريد الخروج منها. لأن ذلك يعني اضطراره لتغيير شيء ما في أسلوب حياته، وهو ما لا يرغب به في أي مجال من مجالات حياته إلا إذا كان التغيير يخدم مصلحته. الله تعالى يقول: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن. إقناع الإنسان بالتغيير فن في حد ذاته، وهو ما يتفق عليه علماء الاجتماع. ولذلك فإن أفضل طريقة لإيصال ملاحظة ما هي النصيحة التي توجه بشكل خاص وليس على رؤوس الأشهاد. فالنفس البشرية تتقبلها فوراً وبصدر رحب وإن جادلت في ذلك، لأن إسداء النصيحة يعطي انطباعاً للشخص المراد نصحه بأنك مهتم به. حدث ذات يوم أني كنت خارجاً من مسجد بعد أن فرغنا من الصلاة، فوجه أحد المصلين الكلام إلى الرجل الذي أمّنا لأن إمام المسجد كان غائباً، فقال له: لا يحق لك أن تؤم بمسجد له إمام وهذا قانون من دائرة الشؤون الإسلامية. فرد عليه من كان إماماً: لن أؤخر الصلاة لأن الإمام ليس موجوداً، ولا نعرف متى سيأتي. ثم تطور الكلام إلى مشادة كلامية حادة انتهت بالشتم وكادت تتطور إلى معركة بالأيدي في بيت من بيوت الله لولا أن تدخل الناس وفرقوا بينهما، فدخل الإمام في تلك اللحظة. والآن دعونا نرَ نقيض ذلك، فقد كانت هناك امرأة أجنبية تأكل فطيرة في نهار رمضان في مركز تجاري وتلبس ملابس لا تليق بحرمة الشهر الفضيل، فتوجهت إليها امرأة من أهل البلد وأخذتها إلى زاوية وتحدثت معها بكل ود واحترام ونصحتها بأن ما فعلته خطأ كبير وكنت واقفاً بالقرب منهما. فسمعت المرأة الأجنبية تعتذر بشدة والخجل واضح على محياها، وقالت لم أكن أعلم ذلك أنا آسفة جداً. .. شتان بين الموقفين.