الكثير منا يشعر وكأن اللحظات السعيدة والضحكات الحقيقية في حياتنا باتت محدودة حتى كاد أن يكون التذمر والقلق وعدم الرضى سمة من شخصياتنا.. متناسين انه لنستطيع تحقيق الشعور بالسعادة فلابد من القناعة وقبول الواقع كما هو.. والنظر لهذا الواقع وما سيأتي بعده بتفاؤل وليس بسوداوية وتشاؤم. فهل فكرت لحظة بالنعم التي تحيط بك والتي كانت في يوم ما حلما وامنية تتمنى ان تتحقق.. هل تأملت بأن هناك الكثير حولك يتمنى شيئاً من النعم التي في حياتك، هل تعلم أن الصحة نعمة لا يشعر بها الا من يتقلب على فراشه من الالم، هل تعلم أن الدرجة العلمية نعمة تعذرت ظروف الكثير لتحقيقها، هل تعلم أن الوظيفة نعمة يغبطك عليها الكثير من حملة الشهادات الباحثين عن عمل. هل تعلم أن الزواج نعمة يحلم بها الكثير من الشباب والشابات، هل تعلم أن الابناء نعمة يتحسر عليها الكثير ممن حرموا الذرية، هل تعلم ان وجود والديك في هذه الحياة نعمة عظيمة تنقص الكثيرين ... وماهذه الا أمثلة بسيطة وغيرها الكثير من النعم الأخرى التي لا تحصر ولكنها تحتاج منا الى التفكر والتدبر. فليس هناك مخلوق في هذه الحياة الا وقد احاطت به النعم أياً كانت ولكن إحساسنا بأن هذه النعم روتين اعتدنا وجوده في حياتنا ضيع الشعور الحقيقي بالتلذذ بها ولا نغفل ان سلوك حياتنا وكأننا في سباق مع الزمن للحصول على الاشياء جعل منا الآلات وافقدنا الشعور باللذة الحقيقية لما نملك .. والمؤلم أن هذه النعم قد لا تدوم وقد تأخذ منا في اي لحظة... حينها فقط نتذكر وجودها ونتحسر على ما مضى. ولو تفكرنا لوجدنا انفسنا نعيش حياتنا وكاننا مصابين بضرب من الجنون فنحن نقضي حياتنا بين التمني والتحسر متناسين الموجود... فما ان ندرك ما نتمنى حتى نعاود النظر لشيء اخر من جديد ونبدأ بالترقب والانتظار وكأن ليس في الحياة الا هذه الامنية وكان في تحققها السعادة الابدية وما تلبث الايام ان تعطينا ما نتمنى ونبدأ الشكوى من جديد. صدق رسول الله قال صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال (لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب). ] فاطمة عبدالله عيسى