في حلقي غصة كحجر خشن، وفي صدري نار تقدح شرراً بسبب حادثة «القديح» هذه الفاجعة الفظة العنيفة البشعة، هذه الحادثة التي أوجعت وآلمت أبناء الوطن عامة لقد أوجعت وأغضبت المحبين لهذا الوطن وملأت نفوسهم، أسى وحسرة، وفجيعة لأنها حربة في كبد وقلب كل مواطن غيور، وربما فرحت بها فئة شاذة من الذين في قلوبهم مرض من الذين في قلوبهم زيغ وكراهية، ربما فرح بها أعداء الدين ليقولوا هذا هو فعل الدين، وسيفرح بها أعداء الوطن لأنهم يتمنون أن تكون صدعاً في حصنه، وشرخاً في جدار تماسكه، سيفرح بها أعداء الوطن لأنهم يجدون فيها فرصة لخلق زعزعة تدخل الناس في غمة طامية تجعلهم يصطرعون، ويتشابكون في تصادم فكري خطير يؤجج المشاعر الكارهة، ويذكي نار التهم، والعداوات والحزازات.. وهذا ما يتمناه الأعداء، ويفرح به المتربصون الحاقدون، أولئك الذين يعيشون فوق أرض الوطن بأجسادهم، وقلوبهم وعواطفهم في أمكنة أخرى!! وأرى أن الحادث، هو امتحان للوطنية الصادقة، ومحك للقدرة على الصبر، والابتلاء، والثبات.. بل ومعيار للحكمة..!! نعم فسوف يقف المخلصون، والغيورون، وأصحاب الحكمة موقفاً واحداً، وهو ترسيخ الوطنية والتلاحم، والتماسك، بعيداً عن الاستفزاز، وإلقاء التهم، واللطم، والصراخ في مأتم الفتنة، وإخراج خناجر الحقد، والتمزيق، والطعن في الخواصر.. سوف تخرج، هوام، وأفاع، وعقارب للدغ والنهش ومن ثم فإن علينا أن نتدارك الشر، ونغلق كل أبوابه، ونسدّ كل نوافذه.. لنفوت الفرصة على الذين يريدون بنا، وبوطننا كيدا، وشراً مستطيراً.. فلنجمع أمرنا، وقولنا على أن ما حدث هو عمل شاذ مقيت، جاء من خارجنا ليطعننا جميعاً، ويحزننا جميعاً، ويشعرنا كلنا باليتم والفجيعة، فكلنا تحت حدّ السكين سواء.. لنحزم أمرنا وندرك أن ما حدث ليس مجرد عمل مراهق مُلتاث، بل هو أمر قد أبرم، ودبر بليل، وأن وراءه قوى شريرة تخطط، وتدبر لاغتيال وطنيتنا، لاغتيال تنميتنا، لاغتيال آمالنا، لاغتيال الفرح في عيون أطفالنا.. لندرك أن هناك قوى تعمل منذ أمد بعيد، وتحلم منذ أمد بعيد، وتتمنى منذ أمد بعيد، أن ترى لحمة هذا الوطن تتمزق، ووحدته تتمزق، وأجساد أبنائه تتمزق... وإنني أنادي كل غيور، وكل صاحب قلم شريف وكلمة شريفة، أن يستعمل الحكمة، وأن يغلب مصلحة الوطن، وأن يتعالى على كل أشكال الذاتية وما يدعو إلى الفرقة والافتتان، وأن يقف موقف البطل في قلب المعركة ذائداً عن دم أهله وحمى بلاده التي يراد لها التدمير والخراب.. وذلك موقف تاريخي سيتبين فيه المواطن الحق، من العدو اللدود...