أشاد مدير المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي بالبحرين منير بوشناقي بمبادرة مملكة البحرين لاستضافة مقر المركز وتقديم الدعم اللازم له حتى يؤدي دوره المطلوب في الحفاظ على تراث الأمة العربية، مثمنا في هذا الصدد توجيهات القيادة الحكيمة بمملكة البحرين بتقديم كل أنواع الدعم والمساندة حتى يحقق المركز أهدافه ويؤدي رسالته المنشودة. وتوجه بوشناقي خلال مقابلة مع وكالة أنباء البحرين "بنا" بالشكر الجزيل للقيادة في مملكة البحرين على استضافة المقر الإقليمي العربي للتراث العالمي، وعلى الخدمات الكبيرة التي تقدمها حكومة المملكة للمساعدة في عمل المركز حتى يحقق أهدافه. وأوضح أن المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي أصبح يلعب دورا مهما بالمنطقة، ويقوم بدور مهم لحماية التراث العربي، وذلك عبر الدورات الفنية وورش العمل التي ينظمها للعاملين في المجال، ومن المبشر جدا أن كل الحكومات العربية باتت مؤمنة بأهمية وجود المركز وما يقوم به من عمل هام. وفيما يأتي نص اللقاء: ـ هل يمكن معرفة خلفيات تأسيس المركز ورسالته وأهدافه ؟ المركز الإقليمي العربي للتراث العالمي يعمل تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، والمركز مؤسسة عامة بحرينية قائمة بذاتها ومستقلة، ويتميز بكونه المركز الفريد من نوعه في المنطقة، لأنه يدخل ضمن سياسة اليونسكو للامركزية في تطبيق اتفاقية 1972. وجاء المركز بمبادرة بحرينية أطلقتها رئيسة هيئة البحرين للثقافة والاثار معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة عندما أكدت استعداد مملكة البحرين مساعدة المنطقة في مجال حفظ التراث العالمي وحماية المواقع العربية المدرجة ضمن المواقع الأثرية التي تعمل اليونسكو على ضمها لقائمة التراث العالمي، وتم التباحث حول الفكرة، وإعداد دراسة وافية لمعرفة إمكانية إنشاء المركز، وأصبح الحلم حقيقة عندما قدمت حكومة البحرين المكان المقترح ليكون مقرا للمركز، ووافقت (اليونسكو) على إنشائه تحت إشرافها، وتمت الموافقة من كل الدول العربية على أن تكون مملكة البحرين مقرا له. وتتمثل رسالة المركز في تعزيز تنفيذ اتفاقية التراث العالمي عام 1972 في منطقة الدول العربية، والهدف الرئيس له هو القيام بدور صلة الوصل في عمل مركز التراث العالمي وشركائه في المنطقة من خلال توحيد الطاقات لصون تراث المنطقة الثقافي والطبيعي وتعزيزه وعرضه، وتحقيق المزيد من التوازن في تمثيل ممتلكات الدول العربية المدرجة في قائمة التراث العالمي، والارتقاء بمستوى حمايتها وإدارتها، وتعبئة الدعم المالي الإقليمي والدولي من أجل ذلك، والتوعية بالتراث العالمي في المنطقة. ـ هل هناك مراكز في العالم تماثل في دورها وأهدافها المركز الموجود في البحرين ؟ هناك المركز الصيني للتراث العالمي الموجود في شنغهاي، ويشرف على دول آسيا، وهناك مركز مشابه في ريو دي جانيرو في أمريكا اللاتينية، ومركز آخر في مدينة زاكاتيكس في المكسيك يشرف على دول أمريكا الوسطى، ومركز نورويي المشرف على دول أوروبا، وكل مركز من هذه المراكز، إضافة للموجود في البحرين، يعمل على حفظ التراث الإنساني العالمي في المحيط الموجود به. وللمركز دور مهم وكبير، خاصة وأن المنطقة العربية شهدت في السنوات الأخيرة أحداثا ألقت بظلالها على نوادر التراث العالمي الثمين الموجود بها، ما جعل للمركز مسؤولية تاريخية لحفظ تراثها الإنساني الكبير، إذ لم تستهدف الحروب والنزاعات في العراق وسوريا وليبيا وأخيرا اليمن، الإنسان فحسب، بل استهدفت التراث ذي القيمة العظيمة في حياة هذه الشعوب. ـ ما الخطط التي بدأ المركز في تنفيذها للحفاظ على التراث العربي ؟ بالنسبة لليمن أطلقنا مشروعا للحفاظ على مدينة "زبيد" لما لها من أهمية وقيمة، وذلك بعد اتفاقية وقعت بين المركز ووزارة الثقافة اليمنية، وقدمنا لمؤتمر اليونسكو الـ 38 الذي عقد في الدوحة العام الماضي كافة المبررات لإضافة المدينة للتراث العالمي، وذلك من أجل إنقاذها، وباشرنا الإجراءات التنفيذية الخاصة بإدارة مشروع الحفاظ عليها، وعقدنا عددا من الاجتماعات واللقاءات حول التراث اليمني المدرج والخطوات المزمع تنفيذها من قبل المركز لمساندة الجهود الحكومية في أعمال الصيانة والترميم للمدينة وصون طابعها المعماري الفريد. ووجه الرئيس اليمني الشكر إلى الشيخة مي بنت محمد آل خليفة لجهودها الحثيثة من أجل إنقاذ موقع المدينة التي لديها تراث مشهور وهندسة معمارية فريدة من نوعها، هذا بالرغم من توقف المشروع قبل شهر بسب الحرب الدائرة هناك. ـ أين كانت المحطة الثانية من خطة عمل المركز ؟ كانت في العراق، حيث قام المركز باستضافة 3 ورش عمل متتالية في البحرين العام الماضي، وقدمنا ملفا خاصا لتسجيل منطقة الأهوار على قائمة التراث العالمي، وهي منطقة طبيعية وثقافية في جنوب العراق. ونظرا للأوضاع الأمنية هناك، أقيمت هذه الورش في البحرين التي قدمت أجهزتها المعنية مساعدة كبيرة لاستضافة الخبراء العراقيين، وتلا ذلك وضع المخطط الإداري للأهوار، وهناك خطة طموحة في هذا المجال. ـ ماذا عن سوريا وليبيا وتهديد المواقع الأثرية القديمة بهما ؟ سوريا كانت محطتنا الثالثة في خطة المركز، ووقعنا اتفاقية لمساعدة الخبراء السوريين، ونظمنا ورشة لمدة أسبوعين في مكتب اليونسكو في بيروت حضرها 22 خبيرا سوريا من مسؤولي المتاحف والمواقع الأثرية وبالتعاون مع منظمة اليونسكو وغيرها من المنظمات، وحققت الورشة نجاحا كبيرا، ونتيجة لذلك ينتظر إقامة ورشة عمل إضافية في يوليو القادم. بالنسبة لليبيا، بدأ المركز اتصالاته للعمل مع الخبراء هناك، ونحن نحاول كمركز فني تجنب المشاكل السياسية، ونخاطب مباشرة الخبراء حسب الصلاحيات الممنوحة لدينا، وذلك لرؤية الأوضاع والبحث عن سبل للعمل من أجل حفظ التراث الليبي. ـ ماهي الجهود التي قام بها المركز بشكل عام في الوطن العربي ؟ شهدت أعمال المركز حركة دؤوبة وأنشطة كبيرة وواسعة على مستوى الوطن العربي. وفي اطار التعاون والمساعدة في مجال إدارة المواقع المدرجة على قائمة التراث العالمي في المنطقة العربية، أقمنا في البحرين اجتماعا كبيرا لنقاط الاتصال حضره وفود من كل الدول العربية العام الماضي، وكانت تلك بداية عمل كبير ومبرمج مع كل الدول ذات العلاقة بالمواقع الأثرية. وقام المركز بزيارة موريتانيا ووقف على المواقع الأثرية، وقدم الكثير من النصائح بالنسبة لإدارة المواقع المدرجة. وفي تونس هناك متابعة للمواقع المدرجة على قائمة التراث، وفي مصر بدأنا مرحلة التعاون مع المؤسسات الخاصة بمدينة القاهرة القديمة وهضبة الأهرام المدرجتين على القائمة. ولدينا مع المملكة السعودية تعاون، حيث نظم المركز بعثة لموقع يمكن أن يدرج ضمن قائمة التراث العالمي بالإحساء، وزرنا كذلك موقعين مدرجين على القائمة وهما الدرعية ومدائن صالح. وتلقينا طلبا من الأردن للاجتماع مع السلطات المسؤولة والقيام بزيارة ميدانية لوداي رام، وقدمنا نصائح لإدارة الموقع. كما عقدنا الكثير من الاجتماعات مع الخبراء والمسؤولين في الدول العربية، ونظمنا مؤخرا في المغرب وتونس اجتماعات للتنسيق، وتقريبا زرنا كل الدول العربية إلا تلك الدول التي تعاني من أوضاعا أمنية صعبة، ولنا علاقات ودية مع كل الدول التي قدمت التسهيلات اللازمة لإنجاز أعمال المركز. ـ هل أنتم راضون عن الجهود التي قام بها المركز؟ نحمد الله أن المركز أصبح يلعب دورا مهما بالمنطقة، ولا بد هنا من تقديم الشكر الجزيل للقيادة في البحرين على استضافة المركز الذي يخدم الأمة العربية ويحفظ تراثها وتاريخها وهويتها من الاندثار، وعلى الخدمات الكبيرة التي تقدمها الحكومة البحرينية للمساعدة في عمل المركز حتى يحقق أهدافه.