يعاني اليمنيون مأساة إنسانية حقيقية، بلغت مداها بسبب ظروف الحرب، ومن المهم أن نذكّر يوميًّا بهذه المأساة الإنسانية عبر كل الوسائل، لضرورة إيجاد حل سريع فوري لها، لكن أيضًا ونحن نذكّر بهذا لا يمكن إلاّ أن نحمّل المتسبب عن هذه المأساة مسؤوليته، فالإشكالية الكبرى أن الجناة، والقتلة، وأمراء الحرب هم أكثر مَن يتباكى اليوم، ويتاجر بهذه المأساة. اليمن كان يصنّف خلال 33 عامًا في ذيل كل القوائم في مجال التنمية، وفي صدارة كل قائمة ضمن الدول الفاشلة. اليمن كان يعاني طوال هذه المدة من أزمات اقتصادية خانقة، والنسب التي كانت تتحدّث عن المناطق التي لم تصل إليها إمدادات الكهرباء، والماء، والصرف الصحي مرعبة، ثم خلال المرحلة الانتقالية لم تهدأ الأوضاع، بل ازدادت سوءًا، حيث أمعن الرئيس السابق، وحلفاؤه بزعزعة الأمن والاستقرار، في محاولة لمعاقبة اليمنيين عقابًا جماعيًّا لأنهم تجرأوا ليطالبوه بالرحيل، فاستمرت عمليات تفجير أنابيب النفط والغاز، وفي ظل كل هذه الظروف المتردّية شن الرئيس السابق وحليفه الحوثي حربهم الجديدة على الشعب اليمني، القطبان اللذان سبق وأهلكا الاقتصاد اليمني واليمنيين بحروبهم العبثية، ليتحالفوا اليوم فيغرقوا البلاد أيضًا بالحروب. من المهم أن نؤكد أن من صنع كل هذا هو المتسبب الأول بالأزمة الإنسانية التي يعانيها اليمنيون اليوم. والآن، من جديد يشنان حربًا داخلية مع الاستيلاء على كل المخزون الغذائي والنفطي داخل البلاد وتوجيههما لما يسمّى بالمجهود الحربي، وتوزيعهما على حلفائهم ومناصريهم وفقط، دون أدنى تقدير لاحتياجات الناس، هذا في ظل المناطق التي دانت لهم بالكامل كالعاصمة مثلاً، أمّا المدن التي لفظتهم وتقاومهم بالقوة، كما في تعز والجنوب فالمأساة الإنسانية أكبر بكثير. من هنا لم يكن هناك من بد لإطلاق هدنة إنسانية تكفل بوصول المساعدات إلى مستحقيها، التزم التحالف بالهدنة على مدى الخمسة أيام المقررة، لم تحدث خلالها أية عملية، بينما لم يلتزم أمراء الحرب، بل خرقوها منذ الدقائق الأولى، أمّا ما وصل من مساعدات فجرى توزيعها بجورهم المعهود، ولم يصل شيء منها للمستحقين، بالتالي لم تحقق الهدنة أهدافها، لذا لم يكن هناك حاجة لتمديدها. أحسن الحلف بالالتزام بالهدنة حتى اللحظة الأخيرة، والتمتع بأعلى درجات ضبط النفس في عدم الرد على استفزازاتهم، وبهذا قطعوا الطريق على كل مزايدات أمراء الحرب، وأبواقهم الإعلامية، وليؤكّدوا مجددًا أن العاصفة ليست غايتها الحرب، وإنما جاءت لحماية الشرعية، الحرب فرضها أمراء الحرب صالح والحوثي، وهي كره لكل ناشدي السلام، هذا ما أكدته أيام الهدنة. wesamee@gmail.com