الأسبوع قبل الماضي أعلنت شركة جنرال موتورز الأمريكية للسيارات تخصيص مليار دولار لدعم مركزها البحثي الفني في ولاية ميتشجان، حيث تُجرى معظم البحوث المتعلقة بالتطوير الهندسي والتقنيات المتقدمة، وأبحاث السلامة لمنتجاتها المتنوّعة من المركبات مختلفة الأحجام والأسماء. وذلك كله إضافة إلى مبلغ 5,4 مليار دولار سبق الإعلان عن رصدها لتطوير مصانعها الأربعين في الولايات المتحدة. وحال معظم الشركات الرائدة على مستوى العالم لا يختلف كثيرًا عن حال جنرال موتورز. بل إن هناك العشرات أو المئات منها. وكثير منها يفوق جنرال موتورز في كم الأرباح أضعافًا، فشركة مثل آبل تربح ما لا يقل عن عشرة أضعاف ما تربحه جنرال موتورز، ومعظم رأسمالها في العقول التي تعمل في معامل أبحاثها، إضافة إلى المواهب التي تديرها، والبيئة التي تحتضنها. والشاهد هنا أن التفوق العلمي والبحثي ليس مجرد شعارات تُرفع، أو مزاعم تُنشر اعتمادًا على بحث هنا، أو هناك قد لا يكون أصيلاً وثمينًا إلاّ بمشاركة عنصر أجنبي يبحث لأجل المال خاصة إذا كثر. الملاحظة الأخرى الزعم بأن من السهل استنبات تقنية متقدمة نابعة من المجتمع نفسه دون بناء الظروف المناسبة لاستنباتها أو نشوئها. مثلاً إن زعم أحدهم أن صناعة السيارات في بلده لا تعدو تجاوز بعض العقبات الصغيرة فاعلم أنه يحلم، خاصة إذا علمت أن البلد نفسه لا يصنع محرّك عصّارة طماطم، ولا صواميل محرك سيارة، ولا (كفرات) دباب صغير. استنبات التقنية ليس منحة تهبط من السماء، أو قرارًا يصدر في المساء، ولا أحلامًا تعانق صاحبها بعد عدة اجتماعات وتوقيع مذكرات. لكي تصنع سيارة تزعم أنها من صنع بلادك يتطلّب المرور على محطات كثيرة قبل بلوغ خط الإنتاج الفعليّ، وليس المستورد بالكامل من هناك، كما يُدار بالكامل بعمالة من هناك. وآخرون يزعمون أنهم بصدد إنتاج وصنع طائرات حربية تظهر للنور عمّا قريب! كيف يتم هذا وأنت لم تصنع دراجة، ولا خبّازة، ولا طرمبة، ولا ماطور لضخ الماء؟! salem_sahab@hotmail.com