نتكلم اليوم عن جوانب بحثية بعناوين واختصاصات ضيقة بدلاً من الكلام العام عن حياتنا البحثية في المطلق وقد ردد، في غير موضع، كثيراً. الجوانب المعنية حيوية وضرورية جداً، وقد رأينا خلال السنوات الأخيرة تراجعات بشأنها أو انحسارات، فيما المتصور المقبول تقدمها لجهة التفعيل والانتشار. الكلام اليوم إذاً عن مناطق بحثية انحسر عنها رادار البحث العلمي بالرغم من الأهمية الشديدة والحاجة. ومن أمثلة ذلك الصارخة أبحاث العمل وسوق العمل في الإمارات، والأبحاث الخاصة بالأجور والغلاء والتضخم، ودراسات البطالة، والأبحاث الخاصة بالأسرة الإماراتية واحتياجاتها وأحلامها أو أهدافها، والدراسات الخاصة بقوة العمل إجمالا، وقوة العمل المواطنة خصوصاً، والأبحاث الخاصة بالشؤون الاجتماعية في الإمارات. لماذا يغيب مثل هذه الدراسات أو يشح؟ الاحتمال الآخر أن الأبحاث والدراسات من هذا النوع تصدر ولا تصل إلى أحد بما في ذلك جهات الاختصاص ووسائل الإعلام الوطنية، فإلى من تصل إذاً، وما الفائدة؟ واضح أن خللاً ما، أو أن الخلل برمته يحيط بالموضوع المطروح من كل صوب، وفي مراحل مبكرة، حيث الشيء بالشيء يذكر، كانت دراسات سوق العمل وقوة العمل إجمالاً خصوصاً قوة العمل المواطنة تصدر بانتظام وبوعي وتخطيط، وبفريق بحثي خبير معلن، عن وزارة العمل حيناً، وعن هيئة توظيف وتنمية الموارد البشرية الوطنية تنمية. اليوم نطالب المؤسستين بالعودة إلى دورهما البحثي المهم، ومعهما نطالب بالأمر نقسه، هيئات التوظيف ومجالس التوطين على مستوى الإمارات، كما نطالب جامعاتنا الوطنية ومراكزنا البحثية بالدور نفسه، سواء ما خَص أبحاث العمل والتوطين أو الشؤون الاجتماعية أو الخريطة التعليمية لسكان الإمارات، وهو الموضوع الذي أصبح في متناول اليد أكثر، أو هكذا يفترض، مع نظام الهوية والتسجيل السكاني الذي يشتمل أيضاً على الخصائص الاجتماعية للسكان. نتمنى تلقي إجابات عن الأسئلة المطروحة من مؤسساتنا المعنية نظراً لحاجة المجتمع والمخططين ومتخذي القرار، ولا نتمنى ورود إجابة تحصر السبب في عدم التمويل، انطلاقاً من أن تمويل البحث العلمي مسألة يجب أن تكون خارج المساومة أو التأجيل، وأن تكون في مقدم سلم الأولويات، باعتبارها مسألة مصير ووجود. ebn-aldeera@alkhaleej.ae