شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اجتماعه مع عدد من رؤساء الأحزاب المصرية، أمس، على ضرورة الانتهاء من انتخابات البرلمان وتشكيل مجلس النواب قبل نهاية العام الحالي. ودعا الأحزاب مجددًا إلى تشكيل قائمة موحدة يتفق عليها الجميع، بهدف تعزيز وجودها على الساحة السياسية، ومساهمتها بفاعلية في أنشطة البرلمان القادم. يأتي هذا في وقت كشف فيه مصدر مسؤول في مشيخة الأزهر بالقاهرة عن أن «الرئيس التقى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بمقر قصر الاتحادية الرئاسي (شرق القاهرة) أمس، وبحثا جهود الأزهر لتجديد الخطاب الديني ومكافحة الإرهاب والأفكار المتطرفة»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط»، أن «الطيب أطلع الرئيس على نتائج لقاءاته الأخيرة مع المثقفين والمفكرين والعلماء لوضع وثيقة تتضمن رؤى القاهرة لحماية المجتمع من الفكر المتطرف». بينما قال عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية السابق لـ«الشرق الأوسط» في السياق ذاته، إن «دعوة الرئيس إلى تجديد الخطاب الديني جاءت من منطلق التوجه نحو مستقبل مشرق، ومجتمع متقدم في كل المجالات». وسبق أن دار حديث مطول بين الرئيس ورؤساء الأحزاب على مدار يومين في يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث طالب الرئيس الأحزاب بتشكيل قائمة موحدة في الانتخابات التي كان مقررا إجراؤها خلال مارس (آذار) الماضي، لكن تم تأجيلها عقب حكم من محكمة مصرية. والتقى الرئيس السيسي أمس بمقر الرئاسة عددا من رؤساء وممثلي الأحزاب، وفي هذا الشأن قالت مصادر حزبية، إن «القوى السياسية أكدت خلال هذا اللقاء على ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية في أقرب وقت، بما يتوافق مع أحكام المحكمة الدستورية حتى لا يطعن في البرلمان»، مضيفة أن «الرئيس شدد 3 مرات خلال اللقاء على ضرورة توحد الأحزاب في قائمة انتخابية واحدة، بما فيها حزب النور (أكبر الأحزاب التي تضم دعاة غير رسميين في مصر)، وذلك للتغلب على المصالح الحزبية الضيقة، وإعلاء المصالح الوطنية من أجل الوصول إلى برلمان يضم كفاءات سياسية وبرلمانية. وأكدت المصادر الحزبية، أن «السيسي أعلن أن الدولة المصرية قضت على 90 في المائة من الإرهاب في سيناء، وأنه لم يعد سوى القليل». من جانبه، قال قدري أبو حسين، رئيس حزب «مصر بلدي»، إن «اللقاء تطرق إلى عدد من النقاط المتعلقة بالشأن الداخلي والخارجي»، موضحا في بيان لحزبه حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أمس، أن «السيسي أبدى حرصه على الانتهاء من الاستحقاق الثالث لخريطة الطريق بتشكيل مجلس النواب قبل نهاية العام الحالي»، مؤكدا أنه «الداعم الأول للأحزاب حال توحدها»، مشيرا إلى أن السيسي وعد خلال اللقاء أن يلتقي الأحزاب بشكل دوري، وتطرق إلى الإنجازات التي تحققت العام الماضي، وأهمها ملف مشروع قناة السويس الجديد، ونتائج المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ. في سياق آخر، قال المصدر المسؤول في مشيخة الأزهر أمس، إن الطيب أكد للرئيس السيسي أن قضية تجديد الخطاب الديني تتطلب خطابا فكريا وتربويا وأخلاقيا يتناسب مع مهمة التجديد، وأنه تشاور واستمع إلى عدد من المثقفين قصد الخروج بوثيقة مشتركة، مثل وثائق الأزهر التي صدرت عنه منذ ثورة 25 يناير عام 2011، والتي كان لها أثر كبير خاصة في الخارج، مضيفا أن «شيخ الأزهر أكد للرئيس أنه ماضٍ في خطته بتطوير الخطاب الديني». وتواجه القاهرة منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، تناميا في وتيرة العمليات الإرهابية، التي تبنتها جماعات دينية متشددة، إلى جانب ما تشهده المنطقة العربية على وجه العموم من تنامي ظواهر التطرف، متمثلة في تنظيمات متطرفة، على غرار تنظيمات «القاعدة» و«داعش» و«أنصار بيت المقدس»، مما دعا السيسي إلى المطالبة بما عده «ثورة في الخطاب الديني». وكان الرئيس المصري قد دعا المؤسسات الدينية الإسلامية في مصر إلى تجديد الخطاب الديني لمواجهة التطرف والطائفية في لقاءات متعددة رسمية وغير رسمية، تزامنا مع تصاعد موجات التشدد في مصر والمنطقة العربية. وفي هذا الصدد قال مراقبون لـ«الشرق الأوسط»، إن «دعوة الرئيس للمثقفين ولعلماء الدين للتجديد تلقى قبولا واسعا سواء من الشارع المصري، أو من المؤسسات الدينية أو أصحاب الفكر، نظرا لاستغلال عدد من الجهات المتشددة لمواقف وردت في التراث الإسلامي، دون فهم صحيح لجوهرها، أو سياقها أو ضوابطها، وهو ما يسفر عن تطرف فكري وانحراف عقائدي». وأضاف المصدر المسؤول نفسه في المشيخة، أن «الفترة المقبلة ستشهد لقاءات أخرى مع أدباء ومثقفي مصر بهدف تطوير وتجديد الخطاب الديني، وذلك من خلال خطة عمل جديدة للأزهر تعلي من وسطية الإسلام ونشر صحيح الدين». في غضون ذلك، أكد عمرو موسى، أن «دعوة الرئيس السيسي لتجديد الخطاب الديني جاءت من منطلق الضرورة وحسن إدارة الأمور، خصوصا في هذه المرحلة، ما يتطلب أن يكون وعينا على قدر المسؤولية»، وهو الأمر الذي فرض على المؤسسات الدينية حماية الإسلام ونشر تعاليمه السمحة في مواجهة التطرف، مما يقتضي الوعي الكامل بالظروف المحيطة بنا في المنطقة والعالم من حولنا، ومن هنا تأتي ضرورة تجديد الفكر والخطاب طبقًا لمقتضيات العصر، حفاظا على التاريخ الطويل لإنجازات المسلمين وإسهاماتهم في علوم الحضارة الإنسانية، وما قدموه للبشرية والأخذ بفقه الواقع ضرورة. وشدد موسى الذي التقته «الشرق الأوسط» خلال مؤتمر إسلامي مؤخرا على ضرورة الأخذ بفقه الواقع دون الانسياق إلى الخلافات التي تعمق الهوة بين المجتمعات الإسلامية، مما يعوق تقدمها، في الوقت التي تتقدم فيه الأمم الأخرى.